إحياء السنة في أوقات غربة الدين أفضل وأعظم
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“العامل في غربة الدين أفضل ممن يعمل في بيئة صالحة؛ لأنه يعاني من الصّبر على دينه ما لا يعانيه الآخر”.
(تعليقات وتنبيهات على العقيدة السّفّارينية: ص٧٥).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“العامل في غربة الدين أفضل ممن يعمل في بيئة صالحة؛ لأنه يعاني من الصّبر على دينه ما لا يعانيه الآخر”.
(تعليقات وتنبيهات على العقيدة السّفّارينية: ص٧٥).
قال ابن القيم رحمه الله:
“وحسن الخلق يقوم على أربعة أركان: الصبر والعفة والشجاعة والعدل.
فالصبر: يحمله على الاحتمال، وكظم الغيظ، وكف الأذى، والحلم والأناة، والرفق وعدم الطيش والعجلة.
والعفة: تحمله على اجتناب الرذائل والقبائح، وتحمله على الحياء وتمنعه من الفحشاء والبخل والكذب والغيبة والنميمة.
والشجاعة: تحمله على عزة النفس، وإيثار معالي الأخلاق، وعلى البذل والكرم، وتحمله على كظم الغيظ؛ فإنه بقوة نفسه وشجاعتها يمسك عنانها ويكبحها بلجامها عن النزغ والبطش.
والعدل: يحمله على اعتدال أخلاقه، وتوسطه فيها بين طرفي الإفراط والتفريط”.
(مدارج السالكين 2 / 308- بتصرف واختصار).
قال الله تعالى: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا} [المائدة:85].
قال الله عز وجل: {وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} [المائدة: 64].
لماذا كانت النهاية مختلفة والجزاء مختلفًا؟ إنها نتيجة لكلماتٍ قِيلَتْ.
انتبه لما تقول.
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ إذا صَلّى قامَ حتّى تَفَطَّرَ رِجْلاهُ، قالَتْ عائِشَةُ: يا رَسولَ اللهِ، أَتَصْنَعُ هذا، وَقَدْ غُفِرَ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ؟، فَقالَ: “يا عائِشَةُ أَفلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا” (صحيح مسلم ٢٨٢٠).
في هذا الحديثِ بيانٌ لحالِ النَّبيِّ ﷺ في العبادةِ واجتهادِه فيها؛ فإنَّه كان يقومُ مِن اللَّيل حتّى ترِمَ قدماه، أي: تتورَّمَ، ولَمّا سُئِل عن هذا الاجتهادِ وقد غفَر اللهُ له ذنبَه؟ قال: أفلا أكونُ عبدًا شَكورًا، فمَن عظُمَتْ عليه نِعَمُ اللهِ، وجَب عليه أن يتلقّاها بعظيمِ الشُّكرِ، لا سيَّما أنبيائِه وصفوتِه مِن خَلْقِه، الَّذين اختارَهم، وخشيةُ العبادِ للهِ على قدرِ عِلمِهم به؛ فمعنى قوله ﷺ: «أفلا أكونُ عبدًا شَكورًا»، أي: كيف لا أشكُرُه وقد أنعَمَ علَيَّ وخصَّني بخيرَيِ الدّارينِ؟!
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسولُ اللهِ ﷺ: “ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونهم: المجاهدُ في سبيلِ اللهِ، والْمُكاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ، والناكحُ الذي يُرِيدُ العفافَ” (سنن الترمذي ١٦٥٥، وحسنه الألباني).
«حقٌّ على اللهِ»، أي: واجبٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى على نفسِه «عونُهم»، أي: تيسيرُ أمورِهم وتوفيقُهم.
«والمكاتَبُ»، أي: العَبدُ الَّذي اتَّفَق مع مالِكِه على عِتْقِه إذا دفَع أو أدّى إلى مالِكِه ما اتَّفَقا عليه مِن مالٍ أو غيرِه «الَّذي يريدُ الأداءَ»، أي: يُريدُ أداءَ ما اتَّفَق عليه مع مالكِه، فيُيسِّرُ اللهُ له ذلك.
«والنّاكِحُ الَّذي يريدُ العفافَ»، أي: الَّذي يُريدُ أن يتزوَّجَ ليُحصِّنَ نفْسَه مِن الزِّنا.
شقال الله تعالى: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ }[آل عمران:30].
قال البقاعي رحمه الله: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾؛ فالله سبحانه وتعالى منتقم ممن تعدَّى طَوْره ونسي أنه عبدٌ. [نظم الدرر: ٢/٦١]
قال السعدي رحمه الله: “(وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) أعاد تعالى تحذيرنا نفسه رأفة بنا ورحمة؛ لئلا يطول علينا الأمد فتقسو قلوبنا، وليجمع لنا بين الترغيب الموجب للرجاء والعمل الصالح، والترهيب الموجب للخوف وترك الذنوب. [تفسير السعدي: ص١٢٨].
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ إذا جاءَهُ السّائِلُ أوْ طُلِبَتْ إلَيْهِ حاجَةٌ قالَ: “”اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، ويَقْضِي اللَّهُ على لِسانِ نَبِيِّهِ ﷺ ما شاءَ””. (صحيح البخاري ١٤٣٢).
“اشفَعُوا تُؤجَروا”، أي: اسأَلوني واطلُبوا منِّي قضاءَ حاجتِه، والمعنى هنا: ما لم تكُنْ معصيةٌ أو إسقاطُ حدٍّ مِن حدود الله تعالى، أمّا ما عدا ذلك مِن الحاجاتِ؛ كإنظارِ المُعسِرِ، وإعانةِ المَدِينِ، والإصلاحِ بين متخاصِمَينِ؛ فبادِروا إلى السَّعي عندي في ذلك؛ لكي تنالوا الأجر والثواب من الله تعالى.
﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77]
بالمال، أو الجاه، أو الجهد، أو قضاء الحاجة، وغير ذلك من أبواب المعروف وفعل الخيرات.
عن عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِنَا، قَالَ: فَتُلُقِّيَ بِي وَبِالْحَسَنِ، أَوْ بِالْحُسَيْنِ، قَالَ: فَحَمَلَ أَحَدَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْآخَرَ خَلْفَهُ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ. (صحيح مسلم 2428).
قال ﷺ: (جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ) (رواه مسلم 2752).