اللسان من أسباب النجاة والهلاك، فانتبه لما تقول

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قال الله تعالى: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا} [المائدة:85]. قال الله عز وجل: {وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} [المائدة: 64]. لماذا كانت النهاية مختلفة والجزاء مختلفًا؟ إنها نتيجة لكلماتٍ قِيلَتْ. انتبه لما تقول.[/box]

الشرح والإيضاح

فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ.
أي: فجَزاهم اللهُ تعالى بما تَفوَّهوا به من الإيمانِ، ونَطقوا به من الحقِّ في قولِهم: رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ… مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ جنَّاتٍ تَجري الأنهارُ من تحتِ أشجارِها وقُصورِها، وهم ماكثونَ فيها على الدَّوام .
ولَمَّا كانتِ اللَّذةُ لا تَكمُل إلَّا بالدَّوامِ، قال تعالى :
خَالِدِينَ فِيهَا.
أي: ماكثينَ فيها على الدَّوام، لا يخْرُجون منها، ولا يُحوَّلونَ عنها.
وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ.
أي: هذا الذي جَزيتُ به أولئك القومَ من الخُلودِ في الجنَّاتِ، جزاءُ كلِّ مُحسِنٍ في عِبادة الله تعالى، أو مُحسنٍ إلى عِبادِه .
مصدر الشرح:
https://dorar.net/tafseer/5/26

وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ.
أي: وقالتِ اليهودُ- عليهم مِن الله ما يستحقُّون-: إنَّ اللهَ يَبخَلُ علينا، ويَحبِسُ عطاءَه، ويَقبِضُ خيرَه عنَّا، تعالى اللهُ عمَّا قال أعداءُ اللهِ عُلوًّا كبيرًا .
ثم قال اللهُ تعالى على وجه الإخبارِ :
غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا.
أي: قُبِضتْ أيديهم عن العَطاءِ والخَيرِ والإحسانِ، وطُرِدوا من رَحمةِ اللهِ تعالى؛ وهذا الغَلُّ لأَيديهم، ولَعْنُهم؛ جَزاءٌ لهم بسَببِ ما قالوه مِن كُفرٍ وافتراءٍ على اللهِ عزَّ وجلَّ .
بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ.
أي: ليسَ الأمرُ كما يَزعُمون، بل يداه سبحانه مبسوطتانِ بالبذلِ والعطاء، غير مقبوضتَينِ، فهو الواسعُ الفضلِ، الجزيلُ العطاءِ، لكنَّه يُعطي ويمنعُ بحسَبِ ما تَقتضيه حِكمتُه سبحانه.
كما قال تعالى: وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم: 34].
وعن أبي هُرَيرَةَ رضِي اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((إِنَّ يَمِينَ اللهِ مَلأى، لا يَغيضُها نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، أَرَأَيْتُم ما أَنْفَق مُنْذُ خَلَق السَّمَواتِ والأرْضَ ، فإِنَّه لم يَنْقُصْ ما في يَمينِه)) .
وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا.
أي: إنَّ كثيرًا من هؤلاءِ اليهودِ- يا محمَّدُ- يَزدادون بسماعِهم القرآنَ العظيمَ تجاوُزًا لحُدودِ اللهِ تعالى، وكفرًا بالحقِّ.
كما قال تعالى: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة: 124-125].
وقال عزَّ وجلَّ: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [الإسراء: 82].
وقال سُبحانَه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ [فصلت: 44].
وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
أي: وجعَلْنا بين اليهودِ عداءً لبعضِهم بأفعالِهم، وتباغضًا بينَهم بقلوبِهم، ولا يزالونَ كذلك إلى وقوعِ القِيامة.
كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ.
أي: كلَّما عقَدَ اليهودُ أسبابًا وأمورًا لحربِ أعدائِهم أبْطَلَها اللهُ عزَّ وجلَّ، فانحلَّ عزْمُهم، وكلَّما أقاموا حَرْبًا ردَّ اللهُ تعالى كَيدَهم في نُحورِهم، فانْخَذلوا وانْهَزموا .
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا.
أي: ويُسارِعونَ ويَجتهِدون في اكتسابِ الفسادِ بالكُفرِ، وعمَلِ المعاصي، ومحاربةِ الإسلامِ وأهلِه، ونشْر الباطِل، وغير ذلك من الأعمالِ الفاسِدة .
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.
أي: واللهُ تعالى لا يُحبُّ هؤلاءِ؛ لأنَّهم مُفسِدونَ، ولا يحبُّ كلَّ مُفسدٍ من اليهودِ وغيرِهم، بل يُبغضهم، وسيُجازِيهم على ذلك .
مصدر الشرح:
https://dorar.net/tafseer/5/21