أثر صحبة العاقل
عَن سُفيَانَ بنِ عُيَينَةَ، قالَ: قَالَ أيُّوبُ:
إِنِّي لأَلْقَى الأَخَ مِنْ إِخْوَانِي، فَأَكُونَ عَاقِلا أَيَّامًا
(شُعب الإيمانِ: ٤٣٦٥).
عَن سُفيَانَ بنِ عُيَينَةَ، قالَ: قَالَ أيُّوبُ:
إِنِّي لأَلْقَى الأَخَ مِنْ إِخْوَانِي، فَأَكُونَ عَاقِلا أَيَّامًا
(شُعب الإيمانِ: ٤٣٦٥).
قال عبد الله بن المعتز -رحمه الله-:
“”إخوان -أصدقاء- السوء ينصرفون عند النكبة، ويقبلون مع النعمة، ومن شأنهم التوسل بالإخلاص والمحبة، إلى أن يظفروا بالأنس والثقة، ثم يوكلون الأعين بالأفعال والأسماع بالأقوال؛ فإن رأوا خيرًا أو نالوه لم يذكروه ولم يشكروه، وعلموا أنهم خدعوا صاحبهم عنه، وإن رأوا شرًّا أو -ظنوه- أذاعوه ونشروه، فإن أدمت مواصلتهم فهم الداء المماطل، المخوف على المقاتل، وإن استرحت إلى مصارمتهم ادعوا الخبرة بك لطول الصحبة والعشرة، فكان حديثهم مصدقًا وباطلهم محققًا”” (العزلة 1/٧٤).
قـال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
“”إذا رأيت الرجل لا يصادقك إلا حيث يأخذ منفعتك؛ فاعلم أنه عدو وليس بصديق”” (شرح حلية طالب العلم ص١٦٠).
قال ابن سيرين -رحمه الله-:
“”ظٌلمٌ لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم، وتكتم خَيره””.
(صفة الصفوة 3/ 173).
قال السعدي رحمه الله:
“”من أعظم المكاسب وأجلّ المغانم: كَسْب صداقة الأخيار، واغتنام أدعيتهم في الحياة وبعد الممات”” (مجموع الفوائد: ص106).
قال محمد بن مناذر: “”كنت أمشي مع الخليل بن أحمد الفراهيدي فانقطع شسعي -أي: صار النعل لا يصلح للسير-
فخلع نعليه هو أيضًا، فقلت: ما تصنع؟
قال: أواسيك في الحفاء”” (الفهرست ص٦٣).
أي: لماذا تمشي لوحدك حافيًا؟ أنا أخلع نعلي وأمشي معك أيضًا حتى أواسيك في الحفاء.
قال الشافعي رحمه الله: “”إذا كان لك صديق يعينك على الطاعة فشُدَّ يديك به، فإن اتخاذ الصديق صعب ومفارقته سهل””
يقول الشاعر:
فقد يهجر الخِلُّ الوفيُّ خليلَه **** وأنَّى له بعد الخليلِ خليلُ
قال الله تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات / 12].
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنما ضرب الله هذا المثل للغيبة لأن أكل لحم الميت حرام مستقذر، وكذا الغيبة حرام في الدين وقبيح في النفوس. وقال قتادة: كما يمتنع أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا كذلك يجب أن يمتنع من غيبته حيا. [القرطبي:١٩/٤٠٣].
فجعل جهة التحريم كونه أخاًً أخوة الإيمان، ولذلك تغلظت الغيبة بحسب حال المؤمن؛ فكلما كان أعظم إيماناً كان اغتيابه أشد. [ابن تيمية:٦/٦٢].
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} [الإسراء / 53]
أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم، فدواء هذا أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم؛ لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم؛ فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه. [السعدي:٤٦٠]
وعن علي بن أبي رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “إذا عادَ الرَّجُلُ أَخاهَ المُسلِمَ، مَشَى في خِرافةِ الجَنَّةِ حتَّى يَجلِسَ، فإذا جَلَسَ غَمَرَتْه الرَّحمةُ، فإنْ كان غُدوةً صَلَّى عليه سَبعون ألْفَ ملَكٍ حتَّى يُمْسي، وإنْ كان مَساءً صَلَّى عليه سَبعون ألْفَ ملَكٍ حتَّى يُصبِحَ”(مسند أحمد ٦١٢، وصححه الألباني في صحيح الجامع ٦٨٢).
خرافة الجنة: في اجتناء ثمارها.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “لا تُصاحِبْ إلَّا مُؤمِنًا، ولا يَأكُلْ طعامَكَ إلَّا تَقِيٌّ” (أخرجه أبو داود ٤٨٣٢، والترمذي ٢٣٩٥، وحسنه الألباني).
الأخوة الإيمانية لا يقوم مقامها شيء، قال رسول الله ﷺ: “لو كنت متخذًا خليلاً من أمتي لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكنْ أُخوَّة الإسلام ومودَّته” (أخرجه البخاري 226، ومسلم 2382).
فأخوة الإسلام ومودته أبقى وأنقى وأعمق وأدوم فلا تفرط فيها سريعًا.