الصبر والاحتساب عند المصائب خير للمؤمن

عن صهيب الرومي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “”عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له”” (صحيح مسلم ٢٩٩٩).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:
فيه الحث على الصبر والاحتساب عند المصائب، وأن الواجب على كل مؤمن ومؤمنة عند المصيبة الصبر وعدم الجزع، فهذه أمور كتبها الله وقدَّرها لا حيلة فيها، فالواجب عند المصيبة الصبر وعند النعمة الشكر، وهذه دار الابتلاء والامتحان.. وهكذا المؤمن صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، والصبر عند البلاء هو أن يَكُفّ لسانه عما لا ينبغي، ويكف جوارحه عما لا ينبغي، ويكون قلبه مطمئنًا لا جزعًا. أما الجزع فلا يرد عن صاحبه شيئًا”” (مجموع الفتاوى لابن باز).

التهليل والتسبيح ينجيان من الكرب والمصائب

قال الله تبارك وتعالى: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧]
دليلٌ على أن التهليل والتسبيح يجليان الغموم، وينجيان من الكرب والمصائب، فحقيقٌ على مَن آمن بكتاب الله أن يجعلها ملجأً في شدائده، ومطيّةً في رخائه ثقةً بما وعد الله المؤمنين من إلحاقهم بذي النون في ذلك حيث يقول: ﴿فَاستَجَبنا لَهُ وَنَجَّيناهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذلِكَ نُنجِي المُؤمِنينَ﴾ [الأنبياء: ٨٨].
[القصّاب -رحمه الله-: النكت الدالة على البيان ٢/٣١١].

الذنوب سبب المصائب التي تصيب الإنسان في الدنيا

قال الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [سورة الروم: 36].
قال البقاعي رحمه الله: ولما كانت المصائب مسببة عن الذنوب، قال منبهًا لهم على ذلك، منكرًا قنوطهم وهم لا يرجعون عن المعاصي التي عُوقِبُوا بسببها: ﴿بما قدمت أيديهم﴾. [نظم الدرر: ١٥/٩٥]
وقال ابن عاشور رحمه الله: قَوْلُهُ ﴿بما قدمت أيديهم﴾ لتنبيهِهِم إِلَى أَنَّ ما يصيبهم من حالَة سيئة في الدنيا إِنمَا سببها أَفْعالُهم الَّتي جعلَها اللَّه أَسبابا لمُسببات مؤثرة، لا يحيطُ بِأَسرارِها ودقَائقها إِلا اللَّه تعالَى، فَما علَى الناسِ إِلا أَن يحَاسبوا أَنْفُسهم ويجْروا أَسباب إِصابةِ السيئات، ويتداركُوا ما فَات، فَذلكَ أَنجَى لَهم من السيئات وأَجدر من الْقُنوط. [التحرير والتنوير: ٢١/١٠١].