التحذير من التلاعب بالأحكام الشرعية

قال تعالى: (وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا) البقرة: 231. الاستهزاء بدين الله من الكبائر، والاستهزاء هو السخرية؛ وهو حمل الأقوال والأفعال على الهزل واللعب.
ابن تيمية: الفتاوى الكبرى لابن تيمية ٦/‏٢٢.
(وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا) البقرة: 231.
بأن تُعرضوا عنها، وتتهاونوا في المحافظة عليها؛ فجدُّوا في الأخذ بها، والعمل بما فيها، وارعوها حق رعايتها.
تفسير الألوسي: ٢/١٤٣.

النميمة من الكبائر وهي حرام بإجماع المسلمين

“مرَّ رسولُ اللَّهِ ﷺ بقبرينِ فقال: إنَّهما ليعذَّبانِ وما يعذَّبانِ في كبيرٍ، أمّا أحدُهُما فَكانَ لا يستبرئُ من بولِهِ، وأمّا الآخرُ فَكانَ يمشي بالنَّميمةِ” صحيح النسائي: ٢٠٦٧.
قال الذهبي رحمه الله:
«النميمة من الكبائر، وهي حرامٌ بإجماع المسلمين، وقد تظاهرت على تحريمها الدلائل الشرعية من الكتاب والسنة، وقد أجاب عما يُوهم أنها من الصغائر، وهي قوله ﷺ: «وما يُعَذَّبانِ فِي كَبِيرٍ»، بأن المراد ليس بكبير تَرْكه عليهما، أو ليس بكبير في زعمهما، ولهذا قيل في رواية أخرى: «بَلى إنَّهُ كَبِيرٌ». الكبائر: ص١٦٠.

من قواعد المجازاة على الأعمال في الدنيا والآخرة

عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال:
“بايعوني على أن لا تُشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروفٍ، فمن وفَّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعُوقِبَ في الدنيا فهو كفارةٌ له، ومَن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله، فهو إلى الله؛ إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه”

أبغضُ أهلِ المعاصِي إلى اللهِ تعالى

قال رسول الله ﷺ: ” أَبْغَضُ النّاسِ إلى اللَّهِ ثَلاثَةٌ: مُلْحِدٌ في الحَرَمِ، ومُبْتَغٍ في الإسْلامِ سُنَّةَ الجاهِلِيَّةِ، ومُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بغيرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ” صحيح البخاري ٦٨٨٢
“مُلحدٌ في الحرَمِ” ارتكاب الظُّلم والعصيان وفِعل الكبائرِ في الحرم، والإلحادُ عامةً هو الْمَيلُ عَنِ الصَّوابِ.
“ومُبْتَغٍ فِي الْإِسلامِ سُنَّةً جاهليَّةً”: ما محاه الإسلامُ وأمَرَ بِتركِه من أُمورِ الجاهليَّةِ يُريدُ هو إحداثَه وإشاعَتَه.
“مَطلَبُ دمِ امرئٍ بغيرِ حقٍّ لِيُهَريقَ دمَه”: يجتهد في السَّعيِ لِطلبِ قتلِ امرئٍ مُسلمٍ وإراقةِ دمِه بغير حقٍّ.

الذنوب والصغائر تتحول إلى كبائر بالمداومة عليها

وقال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (سورة الشورى: 37).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “”إِذَا أَصَرَّ عَلَى الصَّغِيرَةِ صَارَتْ كَبِيرَةً وَإِذَا تَابَ مِنْهَا غُفِرَتْ “” (مجموع الفتاوى 11/699).
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: “”وإذا صارت الصغائر كبائر بالمداومة عليها، فلا بُدَّ للمحسنين من اجتناب المداومة على الصغائر حتى يكونوا مجتنبين لكبائر الإثم والفواحش”” (جامع العلوم والحكم ص179).

حديث السبع الموبقات

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “”اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ”” قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: “”الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ”” (صحيح البخاري 2615)
(اجتنبوا) ابتعدوا.
(الموبقات) المهلكات.
(بالحق) كالقتل قصاصًا أو رِدَّةً أو حدًّا.
(التولِّي يوم الزحف) الفرار عن القتال يوم ملاقاة الكفار.
(قذف) هو الاتهام والرمي بالزنا.
(المحصنات) جمع محصنة وهي العفيفة التي حفظت فرجها، وصانهن الله عن الزنا.
(الغافلات) البريئات اللواتي لا يَفطنَّ إلى ما رُمِينَ به من الفجور.

خطورة السخرية والاستهزاء باللّه وآياته ورسوله

قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: 65-66].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “”تدلُّ على أنَّ الاستهزاء بالله وبالرسول كفرٌ يَكفر به صاحبه بعد إيمانه”” (مجموع الفتاوى 7/273).
قال السعدي: “” فإن الاستهزاء باللّه وآياته ورسوله كفرٌ مخرج عن الدين؛ لأنَّ أصل الدين مبنيّ على تعظيم اللّه، وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مُنافٍ لهذا الأصل، ومُنَاقِض له أشد المناقضة”” (تفسير السعدي: ص343).

احذر؛ فالتحقير قد يكون بالفعل والقول والإشارة

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا. (تَعْنِي قَصِيرَةً). فَقَالَ ﷺ: (لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ). قَالَتْ: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا فَقَالَ ﷺ: (مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إِنْسَانًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا) (أخرجه أبو داود 4875 وصححه الألباني).

قال المناوي: “”حسبك من صفية أنها كذا وكذا تعني قصيرة. فقال: “”لقد قلت كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته”” أي: خالطته مخالطة يتغير بها طعمه وريحه لشدة نتنها وقبحها.. هذه غيبة منتنة لو كانت ممَّا يُمْزَج بالبحر مع عظمه لغيرته، فكيف بغيره؟ قال النووي: هذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها، وما أعلم شيئًا من الأحاديث بلغ في ذمها هذا المبلغ”” (فيض القدير 5/411).

من أكبر الكبائر: لعن الوالدين أو التسببُّ في ذلك

قال النبي ﷺ: “”إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ: أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ”” (صحيح البخاري 5628).

(أكبر الكبائر): أفظع الذنوب وأشدها عقابًا.
(يلعن) يسبّ ويشتم.

من أقبح أنواع السَّبّ: سبُّ الوالدين أو التسببُّ في ذلك

قال النبي ﷺ: (من الكبائر شَتْم الرجل والديه) قالوا: يا رسول الله، وهل يَشتم الرجل والديه؟! قال: (نعم، يسبُّ أبا الرجل فيسبُّ أباه ويسبُّ أمَّه فيسبُّ أمّه) (صحيح مسلم: 90).

(مِن الكبائر: شَتْم الرجل والديه) فيه دليلٌ على أنَّ مَن تسبَّب في شيء جاز أن يُنْسَب إليه ذلك الشيء، وإنما جعَل هذا عقوقًا؛ لكونه يحصل منه ما يتأذى منه الوالد تأذيًا ليس بالهيّن.

التحذير من كبائر اللسان

قال رسول الله ﷺ: “”مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ”” (صحيح البخاري 5754)

هل تعرف ما هو عذاب المغتاب في الآخرة؟

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ؛ فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ) (أخرجه أبو داود 4878، وصححه الألباني).
قال المناوي: “”وهذا وعيدٌ شديدٌ على الغِيبَة، قال في الأذكار: والغيبة والنميمة محرمتان بإجماع المسلمين”” (فيض القدير 5/298).
(يَخْمِشُونَ) أي يخدشون وجوههم وصدورهم.