النَّهيُ عنْ تَعذيبِ النّاسِ حتّى الكُفّارِ بغيرِ مُوجبٍ شَرعيٍّ

عن هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه أنه مَرَّ بالشّامِ على أُناسٍ، وَقَدْ أُقِيمُوا في الشَّمْسِ، وَصُبَّ على رُؤُوسِهِمِ الزَّيْتُ، فَقالَ: ما هذا؟ قيلَ: يُعَذَّبُونَ في الخَراجِ، فَقالَ: أَما إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقولُ: “إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ في الدُّنْيا” .
الْخَرَاجِ: الضريبة المفروضة على ما تخرجه الأرض.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عنْ تَعذيبِ النّاسِ حتّى الكُفّارِ بغيرِ مُوجبٍ شَرعيٍّ.

السلف والخوف من شبهة الاحتكار

عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ بِوَاسِطَ، فَجَهَّزَ سَفِينَةَ حِنْطَةٍ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَكَتَبَ إِلَى وَكِيلِهِ: بِعِ الطَّعَامَ يَوْمَ تَدْخُلِ الْبَصْرَةَ، وَلَا تُؤَخِّرْهُ إِلَى غَدٍ.
فَوَافَقَ سَعَةً فِي السِّعْرِ، فَقَالَ التُّجَّارُ لِلْوَكِيلِ: إِنْ أَخَّرْتَهُ جُمْعَةً رَبِحْتَ فِيهِ أَضْعَافَهُ.
فَأَخَّرَهُ جُمْعَةً فَرَبِحَ فِيهِ أَمْثَالَهُ، فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ بِذَلِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الطَّعَامِ: يَا هَذَا! إِنَّا كُنَّا قَنَعْنَا بِرِبْحٍ يَسِيرٍ مَعَ سَلَامَةِ دِينِنَا، وَقَدْ جَنَيْتَ عَلَيْنَا جِنَايَةً، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَخُذِ الْمَالَ وَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْبَصْرَةِ، وَلَيْتَنِي أَنْجُو مِنَ الِاحْتِكَارِ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَ.
(الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي ١٩/‏٥٦).
رحمهم الله كما كانوا يرحمون الناس.

إفحام إياس بن معاوية رحمه الله لشخص مجادل

سَألَ رَجُلٌ إياسًا عَنِ النَّبِيذِ فَقالَ: هُوَ حَرامٌ، فَقالَ الرَّجُلُ: فَأخْبِرْنِي عَنِ الماءِ؟ فَقالَ: حَلالٌ، قالَ: فالكسور، قالَ: حَلالٌ، قالَ فالتَّمْرُ قالَ حَلالٌ، قالَ فما باله إذا اجتمع حرم؟
فَقالَ إياسٌ: أرَأيْتَ لَوْ رَمَيْتُكَ بِهَذِهِ الحَفْنَةِ مِنَ التُّرابِ أتُوجِعُكَ؟ قالَ: لا، قالَ: فَهَذِهِ الحفنة من التبن؟ قال لا توجعني، قالَ: فَهَذِهِ الغَرْفَةُ مِنَ الماءِ؟ قالَ لا توجعني شيئًا، قالَ: أفَرَأيْتَ إنْ خَلَطْتُ هَذا بِهَذا وهَذا بهذا حتى صار طينًا ثم تركته حتى اسْتَحْجَرَ ثُمَّ رَمَيْتُكَ أيُوجِعُكَ؟ قالَ: إي واللَّهِ وتقتلني، قالَ: فَكَذَلِكَ تِلْكَ الأشْياءُ إذا اجْتَمَعَتْ. (البداية والنهاية ٩/‏٣٣٦).

ثناء ابن القيم على شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

قال ابن القيم رحمه الله:
وكان بعض أصحابه الأكابر يقول: “وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه. وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، وكان يدعو لهم.
وجئت يومًا مبشرًا له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوةً وأذى له؛ فنهرني وتَنكَّر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، ونحو هذا من الكلام. فسُرُّوا به ودعوا له، وعظّموا هذه الحال منه، فرحمه الله ورضي عنه”. [مدارج السالكين ٣/ ١٣٩].

فضل كثرة الصلاة على رسول الله ﷺ

لما مات المحدث الحافظ أحمد بن منصور الشيرازي جاء رجل إلى ابنه الحسين فقال:
رأيت أباك في النوم، وهو في المِحْراب واقف في جامع شيراز وعليه حُلّة وعلى رأسه تاج مُكلَّل بالجواهر..
فقلت: ما فعل الله بك؟
قال: غفر لي وأكرمني وأدخلني الجنة.
فقلت: بماذا؟
قال: بكثرة صلاتي على رسول الله ﷺ.

الثبات عند المصائب ونصيحة المسلمين

عن جرير بن عبد الله أنه قام يوم مات المغيرة بن شعبة، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار، والسكينة، حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن. ثم قال: استعفوا لأميركم، فإنه كان يحب العفو، ثم قال: أما بعد، فإني أتيت النبي ﷺ قلت: أبايعك على الإسلام فشرط عليَّ: «والنصح لكل مسلم» فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل.
استعفوا: اطلبوا له العفو من الله تعالى.

أهمية تشجيع مواهب الصغار

‏قال الإمام البخاري -رحمه الله-: “كنت أختلف إلى الفقهاء بمروٍ وأنا صبيّ، فإذا جئتُ أستحيي أن أُسلّم عليهم، فقال لي مؤدِّبٌ من أهلها: كم كتبتَ اليوم؟ فقلت: اثنين، وأردتُ بذلك حديثين؛ فضحك مَن حضَر المجلس، فقال شيخٌ منهم: لا تضحكوا، فلعلّه يضحك منكم يومًا”

من صور عدل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فَرَضَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لِلْمُهاجِرِينَ الأوَّلِينَ أرْبَعَةَ آلاَفٍ (يعني عطاء من بيت المال)، وفَرَضَ لاِبْنِ عُمَرَ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وخَمْسَمِئَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنَ المُهاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِن أرْبَعَةِ آلاَفٍ؟ فَقالَ: إنَّما هاجَرَ بِهِ أبَواهُ. يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَن هاجَرَ بِنَفْسِهِ”

والله؛ ما أدري أأنت الخليفة أم عمر؟!

قال الإمام الماوردي رحمه الله:
قال الكندي: (الصديق إنسانٌ هو أنت إلا أنه غيرك).
ومثل هذا القول يُحكى عن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- في عمر -رضي الله تعالى عنه- حين أقطع طلحة بن عبيد الله أرضًا، وكتب له بها كتابًا، وأشهد فيه ناسًا منهم عمر، فأتى طلحة بكتابه إلى عمر ليختمه فامتنع عليه،
فرجع طلحة مُغضبًا إلى أبي بكر -رضي الله عنه- وقال: (والله؛ ما أدري أأنت الخليفة أم عمر؟!)، فقال: (بل عمر، لكنه أنا) رضي الله تعالى عنهم .
(أدب الدين والدنيا ص٢٦٥).

فرق كبير بين عطاء المال وعطاء الروح

يقول الأديب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله:
رأيت ابنتي البارحة تأخذ قليلاً من الفاصوليا والأرز.. ثم وضعتها في صينية نحاس، وأضافت إليها الباذنجان والخيار وحبات من المشمش..
وهمَّت خارجةً.. فسألتها: لمن هذا؟
فقالت: إنه للحارس.. فقد أمرتني جدّتي بذلك..
فقلت: أحضري بعض الصحون.. وضعي كل حاجة في صحن .. ورتّبي الصينية.. وأضيفي كأس ماء ومعه الملعقة والسكين …
ففعلت ذلك ثم ذهبت ..
وعند عودتها سألتني لِمَ فعلت ذلك؟
فقلت: إن الطعام صدقة “”بالمال”” ..
أما الترتيب فهو صدقة “”بالعاطفة””..
والأول يملأ البطن.. والثاني يملأ القلب..
فالأول يُشْعِر الحارس أنه مُتسوّل أرسلنا له بقايا الأكل..
أما الثاني فيُشْعِره أنه صديق قريب أو ضيف كريم..
وهناك فرق كبير بين عطاء المال وعطاء الروح ..
وهذا أعظم عند الله وعند الفقير ..
فليكن إحسانكم ملفوفًا بكرم ومحبة.. لا بذل ومهانة.

رؤيا وبشارة في جزاء العمل الصالح

عن سفيان قال: جاء رجل من أهل الشام فقال: دُلُّونِي على صفوان بن سليم؟ فإني رأيته دخل الجنة. فقلت: بأي شيء؟
قال: بقميص كساه إنسانًا. قال بعض إخوان صفوان: سألت صفوان عن قصة القميص؟ قال: خرجت من المسجد في ليلة باردة فإذا رجل عريان، فنزعت قميصي فكسوته. (المصدر: صفة الصفوة).