من علامات التواضع
قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -:
“رأسُ التواضع أن تَبدأ مَن لَقِيتَ بالسّلام، وأن تَرضى بالدُّون من المجلس”. [عيون الأخبار ١/ ٣٠٩].
قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -:
“رأسُ التواضع أن تَبدأ مَن لَقِيتَ بالسّلام، وأن تَرضى بالدُّون من المجلس”. [عيون الأخبار ١/ ٣٠٩].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “بيْنا رَجُلٌ بطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَوَجَدَ بئْرًا، فَنَزَلَ فِيها، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرى مِنَ العَطَشِ، فَقالَ الرَّجُلُ: لقَدْ بَلَغَ هذا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الذي كانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلا خُفَّهُ ماءً، فَسَقى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وإنَّ لَنا في البَهائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقالَ: في كُلِّ ذاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ”
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “إِيّاكُمْ والجُلُوسَ على الطُّرُقاتِ، فَقالوا: ما لَنا بُدٌّ، إنَّما هي مَجالِسُنا نَتَحَدَّثُ فِيها، قالَ: فَإِذا أَبَيْتُمْ إِلّا المَجالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّها، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ. (صحيح البخاري ٢٤٦٥).
لا يَحِلُّ إيذاءُ المُسلِمِ وإلحاقُ الضَّرَرِ به، صغيرًا كان أو كبيرًا؛ ولذلك نَهى النبيُّ ﷺ عن الجلوسِ في الطُّرُقاتِ، وينبغي لِمَنْ جَلَس في طَريقِ المسلمين أن يَغُضَّ بَصَرَه عن عَوْراتِ المارَّةِ، ويَكُفَّ أذاه عنهم وعن المسلِمين؛ باجتِنابِ الغِيبَةِ وظَنِّ السوءِ واحتِقارِ بعضِ المارِّينَ وتَضيِيقِ الطريقِ، وأن يَرُدَّ السَّلامَ على مَن يُلقِيه، ويَأمُرَ بالمعروفِ، ويَنْهى عن المُنكَرِ إذا رآه.
عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ بِوَاسِطَ، فَجَهَّزَ سَفِينَةَ حِنْطَةٍ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَكَتَبَ إِلَى وَكِيلِهِ: بِعِ الطَّعَامَ يَوْمَ تَدْخُلِ الْبَصْرَةَ، وَلَا تُؤَخِّرْهُ إِلَى غَدٍ.
فَوَافَقَ سَعَةً فِي السِّعْرِ، فَقَالَ التُّجَّارُ لِلْوَكِيلِ: إِنْ أَخَّرْتَهُ جُمْعَةً رَبِحْتَ فِيهِ أَضْعَافَهُ.
فَأَخَّرَهُ جُمْعَةً فَرَبِحَ فِيهِ أَمْثَالَهُ، فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ بِذَلِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الطَّعَامِ: يَا هَذَا! إِنَّا كُنَّا قَنَعْنَا بِرِبْحٍ يَسِيرٍ مَعَ سَلَامَةِ دِينِنَا، وَقَدْ جَنَيْتَ عَلَيْنَا جِنَايَةً، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَخُذِ الْمَالَ وَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْبَصْرَةِ، وَلَيْتَنِي أَنْجُو مِنَ الِاحْتِكَارِ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَ.
(الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي ١٩/٥٦).
رحمهم الله كما كانوا يرحمون الناس.
قال الله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة:185].
“يشكر الله تعالى عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده، وبالتكبير عند انقضائه، ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد” (السعدي رحمه الله).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
“وإذا كان إماطة الأذى عن الطريق صدقة، فإن إلقاء الأذى في الطريق سيئة”. [شرح رياض الصالحين:١/٢٩٠]
قيل لابن المبارك رحمه الله:
اجمع لنا حُسن الخلق في كلمة، فقال: “ترك الغضب”. [جامع العلوم والحكم:١/٣٦٣]
قال العلامة ابن الوزير رحمه الله:
“وأكثرُ النّاس لا يَصبِرُ عن الخَوض فيما لا يعنيه، ولا يتكلم بتحقيق ما يخوضُ فِيه! وهذا هو الذي أَفسَدَ الدِّين والدنيا؛ فرَحِمَ اللهُ من تكلم بِعلمٍ، أو سَكَتَ بحِلمٍ”.
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدى والتُّقى، والْعَفافَ والْغِنى”
(أَسألُكَ الهُدى)؛ مِن دونِ تَقْيِيدٍ لَهُما لِيتناوَلَ كُلَّ ما يَنْبَغِي أنْ يَهتَدِيَ إليه مِن أمْرِ المعاشِ والمعادِ، ومَكارمِ الأَخْلاقِ.
(والتُّقى) كُلَّ ما يَجِبُ أن يَتَّقيَ مِنه مِن الشِّركِ والمعاصِي، ورَذائلِ الأَخْلاقِ.
(العَفافُ) العِفَّةُ عن كُلِّ ما حَرَّمَ اللهُ عليه.
(الغِنى) فالمُرادُ به الغِنى عَمّا سِوى اللهِ، أيِ: الغِنى عَنِ الخَلْقِ، فالإنسانُ إذا وَفَّقَه اللهُ ومَنَّ عليه بِالاستغْناءِ عنِ الخَلْقِ، صار عَزيزَ النَّفْسِ غَيرَ ذَليلٍ؛ لأنَّ الحاجَةَ إلى الخَلْقِ ذُلٌّ ومَهانَةٌ، والحاجَةُ إلى اللهِ تَعالى عِزٌّ وعِبادَةٌ.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “إنَّ اللَّهَ لَيَرْضى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها” (صحيح مسلم ٢٧٣٤).
سُبحانَ الله ما أَكْرَمَه! أَعْطى المَأْكولَ، وأَقْدَرَ على أَكْلِه، وجَعَلَه سائغًا، وساقَه إلى عَبْدِه، وأَوْجَدَه مِنَ العَدَمِ، ثُمَّ أَقْدَرَه على حَمْدِه، وأَلْهَمَه قَولَهُ وعَلَّمَه النُّطْقَ به، ثُمَّ كان سَببًا لرِضائِه، وهَذا دَليلٌ على أنَّ رِضا اللهِ عزَّ وجلَّ قد يُنالُ بأَدْنى سَببٍ؛ فإنَّه يُنالُ بِهذا السَّببِ اليَسيرِ ولِلهِ الحَمْدُ؛ يَرضى اللهُ عنِ الإنسانِ إذا انْتَهى مِنَ الأَكْلِ، قال: الحَمْدُ للهِ، وإذا انْتَهى مِنَ الشُّرْبِ قال: الحَمْدُ لِلهِ.