‏عاقَبَها لكذبها بالدعاء عليها

خاصمت أروى بنت أويس سعيد بن زيد –أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه- عند مروان بن الحكم، وادعت عليه أنه أخذ من أرضها.
فقال: أنا كنت آخذ من أرضها شيئًا بعد الذي سمعته من رسول الله ﷺ؟ قال: وما سمعت من رسول الله ﷺ؟ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً؛ فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا. قَالَ الراوي: فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الْجُدُرَ تَقُولُ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ.
فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشِى فِي الدَّارِ مَرَّتْ عَلَى بِئْرٍ فِي الدَّارِ فَوَقَعَتْ فِيهَا فَكَانَتْ قَبْرَهَا. (صحيح مسلم 1610).

خطورة الكذب بقصد المزاح

قال النبي ﷺ: “”إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ، يَهْوِى بِهَا مِنْ أَبَعْدِ مِنَ الثُّرَيَّا”” (أخرجه أحمد 9209، وصححه الألباني).
وقال النبي ﷺ: (وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ) (أخرجه أبو داود 4990 وحسنه الألباني).
قال المناوي: “” كرَّره إيذانًا بشدة هلكته؛ وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم، وجماع كل فضيحة؛ فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة؛ كان أقبح القبائح”” (فيض القدير 6/368).

شؤم الكذب في البيع والشراء

قال النبي ﷺ: “”الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ”” (صحيح البخاري 1981).
وقال النبي ﷺ: (الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ) (أخرجه أحمد 7206، وصححه الألباني). فليحذر الذين يعتمِدون الحلف والأَيْمَان أداةً له في ترويج بضائعهم، ويُخفون عن الناس عيوب السلع.

(الحلف) اليمين والمراد بها هنا الكاذبة.
(مُنَفِّقَة) مُرَوِّجَة.
(مُمْحِقَة) مُذْهِبَة.
(للبركة) الزيادة والنماء من الله تعالى.

خطورة الكذب على الله ورسوله ﷺ

من أفظع صور الكذب: تحليل ما حرَّمه الله ورسوله، أو تحريم ما أحلَّه الله ورسوله؛ قال الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) [الأنعام: 21]. وقال سبحانه: ( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ) [النحل: 116].
وكذلك مَن يحدِّث عن رسول الله ﷺ كاذبًا متعمدًا؛ قال ﷺ: (من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار) (صحيح البخاري 1229).

هل تريد تذوُّق حقيقة الإيمان؟

قال عمر -رضي الله عنه-: “لا يجد عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المِرَاء وهو محقٌّ، ويدع الكذب في المزاح، وهو يرى أنَّه لو شاء لغلب. [روضة العقلاء لابن حبان ص55].