أعظم اللذات في معرفة الله وتوحيده
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن اللذة والفرحة والسرور، وطيب الوقت، والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه؛ إنما هو في معرفة الله تبارك وتعالى، وفي توحيده والإيمان به، وانفتاح الحقائق الإيمانية والمعارف القرآنية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن اللذة والفرحة والسرور، وطيب الوقت، والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه؛ إنما هو في معرفة الله تبارك وتعالى، وفي توحيده والإيمان به، وانفتاح الحقائق الإيمانية والمعارف القرآنية.
قال ابن القيم رحمه الله: وهذا شأن أسمائه الحسنى؛ أحب خلقه إليه مَن اتصف بموجبها، وأبغضهم إليه مَن اتصف بأضدادها، ولهذا يُبغض الكفور الظالم والجاهل، والقاسي القلب، والبخيل والجبان، والمهين واللئيم.
وهو سبحانه جميل يحب الجمال، عليم يحب العلماء رحيم يحب الراحمين، محسن يحب المحسنين، شكور يحب الشاكرين، صبور يحب الصابرين، جواد يحب أهل الجود، ستار يحب أهل الستر، قادر يلوم على العجز، والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف، عفوّ يحب العفو.. وكل ما يحبه فهو من آثار أسمائه وصفاته وموجبها، وكل ما يبغضه فهو مما يضادها وينافيها.
قال رسول الله ﷺ: “ليس شيء أحبّ إلى الله من قطرتين وأثرين: قطرةُ دموعٍ من خشية الله، وقطرةُ دمٍ تُهَراقُ في سبيلِ اللَّهِ، وأما الأثران فأثرٌ في سبيل الله، وأثرٌ في فريضة من فرائض الله”.
“فأثَرٌ في سبيلِ اللهِ»، أي: بقاءُ أثَرٍ بعدَ الجهاد في سبيلِ اللهِ تعالى؛ كإصابة، أو قطع عضو.
«وأثَرٌ في فريضةٍ مِن فَرائضِ اللهِ»، أي: أثَرٌ يَبْقى بعدَ أداءِ فريضةٍ مِن فرائضِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ كأَنْ يَكونَ أثَرَ المشيِ في أداءِ الصَّلواتِ، أو تعَبَ الجِسمِ وضَعْفَ البدَنِ في الصِّيامِ، وهكذا.
قال رسول الله ﷺ: “إنَّ الله لا يظلم مؤمنًا حسنة، يُعْطَى بها في الدنيا، ويُجْزَى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطْعَم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن له حسنة يُجْزَى بها”
في هذا الحديث يظهر عظيم عدل الله سبحانه، وأنه لا يظلم الناس شيئًا، فلا ينقص المؤمن ثواب حسنة عملها، فإنه يُعْطَى بها في الدنيا، مع ما يدّخر له في الآخرة. وأما الكافر فإنه رغم أن الله لا يُقبل منه؛ لأنه لم يؤمن بالله ولم يؤمن بمحمد رسول الله، إلا أن الله لا يظلمه عمله فيكافئه عليه في الدنيا، فيُطْعِمه به حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يُجْزَى بها.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ اللهِ ﷺ ضحكَ، فقلتُ: من أي شيء ضحكتَ يا رسولَ اللهِ؟ قال: “إنَّ ربَّكَ يعجَبُ من عبدِه إذا قالَ: اغفِر لي ذنوبي، يعلَمُ أنَّهُ لا يغفرُ الذُّنوبَ غيري”.
وقال تعالى: (وأشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّها) الزمر: ٦٩.
قال ابن القيم رحمه الله:
“فإذا جاء تبارك وتعالى يوم القيامة للفصل بين عباده أشرقت بنوره الأرض، وليس إشراقها يومئذ بشمس ولا قمر، فإن الشمس تُكَوَّرُ، والقمر يُخسَفُ، ويذهب نورهما”.
قال ابن القيم رحمه الله:
«ولمّا كان النور من أسمائه الحسنى وصفاته كان دينه نورًا، ورسوله نورًا، وكلامه نورًا، وداره نورًا يتلألأ، والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين، ويجري على ألسنتهم، ويظهر على وجوههم، وكذلك لما كان الإيمان واسمه المؤمن لم يُعْطِه إلا أحبّ خلقه إليه، وكذلك الإحسان صفته وهو يحب المحسنين وهو الذي جعل مَن يحبّه من خلقه كذلك، وأعطاه من هذه الصفات ما شاء وأمسكها عمن يبغضه وجعله على أضدادها، فهذا عدله وذلك فضله، والله ذو الفضل العظيم».
قال ابن القيم رحمه الله: «إذا جرى على العبد مقدور يكرهه، فله فيه ستة مشاهد:
أحدها: مشهد التوحيد، وأن الله هو الذي قدَّره وشاءَه وخلقه، وما شاء الله كان، وما لم يشاء لم يكن.
الثاني: مشهد العدل، وأنه ماضٍ فيه حُكْمُه، عدلٌ فيه قضاؤه.
الثالث: مشهد الرحمة، وأن رحمته في هذا المقدور غالبة لغضبه وانتقامه، ورحمته حشوه.
الرابع: مشهد الحكمة، وأن حكمته سبحانه اقتضت ذلك، لم يقدّره سدًى ولا قضاه عبثًا.
الخامس: مشهد الحمد، وأن له سبحانه الحمد التامّ على ذلك من جميع وجوهه.
السادس: مشهد العبودية، وأنه عبدٌ محضٌ من كل وجهٍ، تجري عليه أحكام سيّده وأقضيته بحكم كونه مِلْكه وعبده، فيصرّفه تحت أحكامه القدرية كما يصرفه تحت أحكامه الدينية».
قال القرطبي رحمه الله: فمن الواجب على مَن عرف أن ربّه حليمٌ على مَن عصاه، أن يحلم هو على مَن خالف أمره، فذاك به أولى حتى يكون حليمًا، فينال من هذا الوصف بمقدار ما يكسر سَوْرة غضبه، ويرفع الانتقام عن مَن أساء إليه، بل يتعود الصفح حتى يعود الحلم له سجية، وكما تحب أن يَحلم عنك مالِكُكَ، فاحلُمْ أنت عمَّن تملك؛ لأنك متعبَّد بالحِلْم مُثَابٌ عليه”.
قال تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) النحل: ٦١.
قال ابن كثير رحمه الله:
“يخبر تعالى عن حِلْمه بخلقه مع ظلمهم، وأنه لو يُؤاخذهم بما كسبوا ما ترك على ظهر الأرض من دابة، أي لأهلك جميع دواب الأرض تبعًا لإهلاك بني آدم، ولكنَّ الربّ يحلم، ويستر ويُنْظِر، إلى أجل مسمى، ولا يعاجلهم بالعقوبة؛ إذ لو فعل ذلك بهم لما أبقى أحدًا”.