حكمة تشريع عدة المرأة وحدادها على زوجها

قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) البقرة: 234.
الإحداد: ترك المرأة الزينة كلها من: اللباس، والطيب، والحُلي، والكحل، والخضاب بالحناء؛ ما دامت في عِدّتها؛ لأن الزينة داعية إلى الأزواج، فنُهِيت عن ذلك قطعًا للذرائع، وحماية لحرمات الله تعالى أن تُنتهك.

من أحكام إرضاع المطلقة ولدَها

قال تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) البقرة: 233.
على الأب نفقتها وكسوتها، وهي الأجرة للرضاع. ولا يُكلف الفقير أن ينفق نفقة الغني، ولا من لم يجد شيئًا بالنفقة حتى يجد. ولا يحل أن تُضار الوالدة بسبب ولدها، إما أن تُمنع من إرضاعه، أو لا تُعطى ما يجب لها من النفقة والكسوة أو الأجرة، ولا أن تمتنع من إرضاعه على وجه المضارة له، أو تطلب زيادة عن الواجب.

خطاب لأولياء المرأة المطلقة دون الثلاث

قال تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة: 232.
هذا خطاب لأولياء المرأة المطلقة دون الثلاث إذا خرجت من العدة، وأراد زوجها أن ينكحها، ورضيت بذلك، فلا يجوز لوليها، من أب وغيره؛ أن يعضلها؛ أي: يمنعها من التزوج به حنقًا عليه؛ وغضبًا؛ واشمئزازًا لما فعل من الطلاق الأول.
وذكر أن من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإيمانه يمنعه من العضل. فالله (يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فامتثلوا أمر من هو عالم بمصالحكم، مريد لها، قادر عليها، ميسّر لها من الوجه الذي تعرفون وغيره.

من وصايا القرآن في إقامة البيوت واستقرار الأسرة

قال تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة: 232.
والإشارة في ﴿ذلِكُم أَزْكى﴾ إلى ترك العضل، وأَزكى وأَطْهَرُ معناه: أطيب للنفس، وأطهر للعِرْض والدين؛ بسبب العلاقات التي تكون بين الأزواج، وربما لم يعلمها الولي؛ فيؤدّي العضل إلى الفساد والمخالطة على ما لا ينبغي، والله تعالى يعلم من ذلك ما لا يعلم البشر.

ما عضل المرأة؟ وما حكمه؟

قال تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة: 232.
نزلت هذه الآية في الرجل يُطلق امرأته طلقة أو طلقتين؛ فتنقضي عدتها، ثم يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها، وتريد المرأة ذلك؛ فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها… وفيها دلالة على أن المرأة لا تملك أن تزوّج نفسها، وأنه لا بد في النكاح من وليّ.

من صور الاعتداء المحرم

قال تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) البقرة: 231.
(وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) كان الرجل يُطلق المرأة، فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها ضرارًا، لئلا تذهب إلى غيره، ثم يطلقها فتعتد، فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة، فنهاهم الله عن ذلك وتوعدهم عليه فقال: ﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾.

لماذا قُصِرَ الطلاق الرجعي على المرتين فقط؟

قال تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة: 229.
لأنَّ مَن زاد على الثنتين؛ فإما متجرئ على المحرم، أو ليس له رغبة في إمساكها، بل قصده المضارة.

فضل الرجال على النساء

قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة: 228.
﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة﴾ ولا يخفى على لبيب فضل الرجال على النساء؛ ولو لم يكن إلا أن المرأة خُلقت من الرجل؛ فهو أصلها، وله أن يمنعها من التصرُّف إلا بإذنه، فلا تصوم إلا بإذنه، ولا تحجّ إلا معه.

ما المعتبر في مقدار حقوق الزوجية؟

قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة: 228.
ما يُوجبه العقد لكل واحد من الزوجين على الآخر؛ كالنفقة والاستمتاع والمبيت للمرأة، وكالاستمتاع للزوج ليس بمُقدَّر، بل المرجع في ذلك إلى العُرْف، كما دلَّ عليه الكتاب في مثل قوله تعالى: ﴿ولَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾، والسُّنة في مثل قوله ﷺ لهند: “خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف” صحيح البخاري: 5364.
ابن تيمية: مجموع الفتاوى ٢٩/‏١٧٤.

النهي عن مخالطة كل مشرك

قال تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة: 221.
﴿ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ أي: في أقوالهم أو أفعالهم وأحوالهم؛ فمُخالِطهم على خطر منهم، والخطر ليس من الأخطار الدنيوية، إنما هو من الشقاء الأبدي. ويستفاد من تعليل الآية: النهي عن مخالطة كل مشرك ومبتدع؛ لأنه إذا لم يجز التزوج مع أن فيه مصالح كثيرة فالخُلطة المجردة من باب أولى، وخصوصًا الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك ونحوه على المسلم.

تربية الأطفال على الدين والأخلاق

قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله: ينبغي أن يُعلّم الطفل طاعة والديه ومُعلّمه وتعظيمهم. وإذا بلغ سبع سنين أُمِرَ بالصلاة، ولا يُسَامَح في ترك الطهارة ليتعوّد، ويُخوّف من الكذب والخيانة.

أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء

قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله: على والد الطفل أن يعوّده الامتناع عن فحش الكلام، ومن مخالطة من يفعل ذلك، فإن أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء.
ويعوّده الامتناع عن كثرة الكلام، وأن يُحْسِن الاستماع إذا تكلم غيره ممن هو أكبر منه، وأن يقوم لمن هو فوقه ويجلس بين يديه.