من مات وعليه دَيْن حُوسِبَ به يوم القيامة

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “من مات وعليه دَيْن حُوسِبَ به يوم القيامة، فيُؤخَذ من حسناته، فيُجعل في حسنات غريمه، فإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات صاحب الدَّيْن، فيُجعَل على الغريم”. [موسوعة ابن أبي الدنيا ٦/ ٢٤٥].

من دعاء النبي ﷺ وثنائه عند الوفاء بالدين

عن عبدالله بن أبي ربيعة رضي الله عنه قال: ‏استقرض منّي النبيُّ ﷺ أربعين ألفًا، فجاءه مالٌ، فدفعه النَّبيُّ ﷺ إليَّ، وقال: “”بارَكَ اللَّهُ لَكَ في أَهلِكَ ومالِكَ؛ إنَّما جزاءُ السَّلفِ الوفاءُ والحمدُ”” (أخرجه النسائي ٤٦٨٣، وابن ماجه ٢٤٢٤، وحسنه الألباني).
«بارَكَ اللهُ لك في أهلِك ومالِك»، دُعاءٌ بالبَركةِ والزِّيادةِ في الأهلِ والمالِ،
«إنَّما جَزاءُ السَّلفِ الوَفاءُ»، أي: أداءُ الدَّينِ بحُسنِ الوَفاءِ «والحمدُ»، أي: الشُّكرُ والثَّناءُ.

متى يحل للإنسان سؤال الناس أموالهم

عنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلاَلِىِّ قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَسْأَلُهُ فِيهَا فَقَالَ: (أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا). قَالَ ثُمَّ قَالَ: (يَا قَبِيصَةُ! إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاَثَةٍ
رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ.
وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ -أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ-.
وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاَثَةٌ مِنْ ذَوِى الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلاَنًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ -أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ-.
فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا) (صحيح مسلم: 1044).

(تحملت حمالة) الحمالة هي المال الذي يتحمله الإنسان أي يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البين كالإصلاح بين قبيلتين ونحو ذلك.
(حتى يصيبها ثم يمسك) أي إلى أن يجد الحمالة ويؤدي ذلك الدَّيْن ثم يمسك نفسه عن السؤال.
(ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله): الجائحة هي الآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها وكل مصيبة عظيمة واجتاحت أي أهلكت.
(قوامًا من عيش) أي إلى أن يجد ما تقوم به حاجته من معيشة.
(سدادًا من عيش) القوام والسداد بمعنى واحد وهو ما يغني من الشيء وما تسد به الحاجة، وكل شيء سددت به شيئًا فهو سداد.
(فاقة) أي فقر وضرورة بعد غنًى
(سحتًا يأكلها صاحبها) السحت هو الحرام.

شؤم الكذب في البيع والشراء

قال النبي ﷺ: “”الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ”” (صحيح البخاري 1981).
وقال النبي ﷺ: (الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ) (أخرجه أحمد 7206، وصححه الألباني). فليحذر الذين يعتمِدون الحلف والأَيْمَان أداةً له في ترويج بضائعهم، ويُخفون عن الناس عيوب السلع.

(الحلف) اليمين والمراد بها هنا الكاذبة.
(مُنَفِّقَة) مُرَوِّجَة.
(مُمْحِقَة) مُذْهِبَة.
(للبركة) الزيادة والنماء من الله تعالى.

من صور الإصلاح بين المتنازعين

عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ دَيْنٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: “” يَا كَعْبُ “”. وَأَشَارَ بِيَدِهِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفَ، فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ، وَتَرَكَ نِصْفًا. (صحيح البخاري 2292).

احذر تأخير سداد الديون مع القدرة

عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “”مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ”” (صحيح البخاري: 2167).
(مطل) المطل التسويف والتأخير.
(الغني) المتمكن من قضاء ما عليه.
(ظلم) محرم ومذموم.

كثرة استعاذة النبي ﷺ من الديون

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: “” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ””. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَغْرَمِ. قَالَ: “” إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ”” (صحيح البخاري: 2267)
الْمَأْثَمِ: الأمر الذي يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه.
الْمَغْرَمِ: الدَّين.
غَرِمَ: استدان.

فضل السعي في الصلح بين المدين وأصحاب الديون

عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا تَمْرَ حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمُ النَّبِيُّ ﷺ حَائِطِي، وَقَالَ: “”سَنَغْدُو عَلَيْكَ””. فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ، وَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ تَمْرِهَا. (صحيح البخاري: 2265).
(حائطي) بستان نخلي.
(يحللوا أبي) يجعلونه في حِلّ ويبرئونه من دينهم.
(سنغدو) من الغدو وهو الذهاب أول النهار.
(فطاف) دَارَ.
(فجددتها) من الجداد وهو قطع ثمرها وجمعه.

قضاء النبي ﷺ دينه لجابر بن عبد الله

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: “”صَلِّ رَكْعَتَيْنِ””. وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَنِي. (صحيح البخاري: 432).”

من يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة

عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: “” مَاتَ رَجُلٌ فَقِيلَ لَهُ، قَالَ: كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، فَأَتَجَوَّزُ عَنِ الْمُوسِرِ، وَأُخَفِّفُ عَنِ الْمُعْسِرِ. فَغُفِرَ لَهُ “” (صحيح البخاري: 2261).
(فقيل له): ماذا كنت تعمل من الخير في حياتك.
(أبايع) أبيعهم وأشتري منهم.
فَأَتَجَوَّزُ: أنه يتساهل ويتسامح في البيع والاقتضاء.

حُسن أداء الديون من علامات الخيرية

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: “”دَعُوهُ؛ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا، وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ””. وَقَالُوا: لَا نَجِدُ إِلَّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ. قَالَ: “”اشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ؛ فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً””. (صحيح البخاري: 2260)

تذكر هذا الحديث قبل الاقتراض من الآخرين

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: “” مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ “” (صحيح البخاري: 2257)
(يريد أداءها) قاصدًا أن يردّها إلى المقرض.
(أدى الله عنه) يسر له ما يؤدي منه من فضله وأرضى غريمه في الآخرة إن لم يستطع الوفاء في الدنيا.
(إتلافها) لا يقصد قضاءها.
(أتلفه الله) أذهب ماله في الدنيا وعاقبه على الدين في الآخرة.