حديث عظيم من أعمدة الدعوات النبوية

عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ يقولُ: “اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ، والْكَسَلِ، والْجُبْنِ، والْبُخْلِ، والْهَرَمِ، وَعَذابِ، القَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْواها، وَزَكِّها أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكّاها، أَنْتَ وَلِيُّها وَمَوْلاها، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجابُ لَها” (صحيح مسلم ٢٧٢٢).
استعاذ النبي ﷺ منَ العَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ لِما فيهم مِنَ التَّقصيرِ عنْ أَداءِ الواجِباتِ والقيامِ بِحُقوقِ اللهِ سُبْحانَه وتَعالى وإزالَةِ المُنْكَرِ. واستعاذ من الهَرَم وهو كِبَرُ السِّنِّ الَّذي يُؤَدِّي إلى تَساقُطِ القُوى، لِكونِه مِنَ الأدواءِ الَّتي لا دَواءَ لَها.
ثُمَّ استَعاذَ ﷺ من عَذابِ القَبْرِ وهُوَ أَوَّلُ مَنازلِ الآخِرَةِ.
(اللَّهمَّ آتِ نَفْسِي تَقواها)، يَعني: تُيَسِّرُها لفِعْلِ ما يَقيها العَذابَ، (وزَكِّها)، يَعني: بطاعَةِ اللهِ، وطَهِّرْها مِن الرَّذائلِ والأَخْلاقِ الدَّنيئَةِ. (أَنتَ وَلِيُّها) يَعني: سُلْطانُها والمُتَصَرِّفُ فيها، (وَمولاها) مالِكُ أَمْرِها.
ثُمَّ استَعاذَ ﷺ مِن عِلمٍ لا يَكونُ نافعًا في نَفْسِه كَعِلْمِ النُّجومِ والكَهانَةِ وكُلِّ ما لا يَنْفَعُ في الآخِرَةِ.
واستَعاذَ أيضًا منَ القَلْبِ الَّذي لا يَخْشَعُ؛ لأنَّه يَكونُ قاسيًا لا تُؤَثِّرُ فيه مَوعظَةٌ ولا نَصيحةٌ.
واستَعاذَ مِنَ النَّفسِ الَّتي لا تَشْبَعُ لأنَّها تَكونُ مُتكالِبَةً على الحُطامِ مُتَجَرِّئَةً على المالِ الحَرامِ غَيرَ قانِعَةٍ بِما يَكفيها مِنَ الرِّزقِ، فلا تَزالُ في تَعَبِ الدُّنيا وعُقوبَةٍ في الآخِرَةِ.
واستَعاذَ منَ الدَّعوةِ الَّتي لا يُستَجابُ لها؛ لأنَّ الرَّبَّ سُبحانَه هُو الَّذي يُعطي ويَمنَعُ، القابضُ الباسطُ، فإذا تَوجَّهَ العَبْدُ إليه في دُعائِه ولم يَستَجِبْ دَعوتَه فَقدْ خابَ الدّاعي وخَسِرَ؛ لأنَّه طُرِدَ منَ البابِ الَّذي لا يُستَجْلَبُ الخيرُ إلّا منه، ولا يُستَدْفَعُ الضُّرُّ إلّا به.

الاستعاذة بالله من كل شر

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ النبيُّ ﷺ، يَدْعُو بهَؤُلاءِ الدَّعَواتِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ البُخْلِ، والْكَسَلِ، وَأَرْذَلِ العُمُرِ، وَعَذابِ القَبْرِ، وَفِتْنَةِ المَحْيا والْمَماتِ”
أَرْذَلِ الْعُمُرِ: آخر العمر في حال الكبر والعجز والخَرَف.

الاستعاذة بالله من أصول الشرور

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ يقولُ: “اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ، والْكَسَلِ، والْجُبْنِ، والْهَرَمِ، والْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بكَ مِن عَذابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والْمَماتِ”

من جوامع الأدعية النبوية

عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه قالت: إنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ، كانَ يَدْعُو بهَؤُلاءِ الدَّعَواتِ: “اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ النّارِ وَعَذابِ النّارِ، وَفِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذابِ القَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطايايَ بماءِ الثَّلْجِ والْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطايا، كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَباعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطايايَ، كما باعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ فإنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ، والْهَرَمِ، والْمَأْثَمِ، والْمَغْرَمِ”.
الْمَأْثَمِ: الأمر الذي يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه.
الْمَغْرَمِ: الدَّين.

من آيات الله تعالى وأدلة توحيده وبراهين قدرته

قال الله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور:6].
قال السعدي رحمه الله: “(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) أي: المملوء ماء، قد سجره الله، ومنعه من أن يفيض على وجه الأرض، مع أن مقتضى الطبيعة أن يغمر وجه الأرض، ولكن حكمته اقتضت أن يمنعه عن الجريان والفيضان؛ ليعيش من على وجه الأرض، من أنواع الحيوان وقيل: إن المراد بالمسجور، الموقد الذي يوقد [نارًا] يوم القيامة، فيصير نارًا تلظى، ممتلئًا على عظمته وسعته من أصناف العذاب. هذه الأشياء التي أقسم الله بها، مما يدل على أنها من آيات الله وأدلة توحيده، وبراهين قدرته، وبعثه الأموات”

من صور نعيم أهل الجنة

قال الله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} [الأعراف:43].
‏قال السعدي رحمه الله: “وهذا من كرمه وإحسانه، أن الغل الذي كان موجودًا في قلوبهم، أن الله يزيله حتى يكونوا إخوانًا متحابين”.

ماذا لو كان منزلة أبنائك في الجنة دون منزلتك؟

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ۲۱].
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “لو كان لك ذرية وتكون في الدرجة الخامسة، وأنت في الدرجة السابعة، تُرقَّى الذرية من الخامسة إلى السابعة، ولا تُنقص أنت شيئًا، لا يقال: انزل درجة وهم يرقون درجة وتكونون في السادسة.
فالله يعامل بالفضل عز وجل، ولهذا قال: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ﴾؛ لأنه ربما يتوهم متوهم أنه إذا رُقيت الذرية نقص ثواب الآباء، فقال: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾، ولو أننا نزَّلنا الآباء ما صار العامل رهينًا بما کسب .

ستخرج من الدنيا كما جئت إليها

قال ابن السَّمَّاك رحمه الله: “هَبِ الدُّنْيا فِي يَدَيْكَ، ومِثْلُها ضُمَّ إلَيْكَ، وهَبِ المَشْرِقَ والمَغْرِبَ يَجِيءُ إلَيْكَ، فَإذا جاءكَ المَوْتُ، فَماذا فِي يَدَيْكَ؟!

المقادير كلها بيد الله تعالى فلا تخَف إلا الله

الرزق والموت والحياة والمقادير كلها بيد الله تعالى، فلا تخف إلا الله، واعمل لما بعد الموت لتلقى الله بعملك.
{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154].
{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود: 123].
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 78- 82].
{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31].

فرّ إلى الله والجأ إليه

جدِّد إيمانك بالله تعالى، وفرَّ إليه مما يشغلك عنه.
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50].
{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42].
{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: 54- 55].

الاعتذار في الآخرة لا ينفع، فاستغل عمرك الآن

الاعتذار في الآخرة قد يكون غير مقبول، في عمرك فُرص عديدة للاستغفار والتوبة والتسبيح والتهليل وذكر الله.
{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 35- 36].
{فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [الروم: 57].