ماذا لو كان منزلة أبنائك في الجنة دون منزلتك؟

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ۲۱].
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “لو كان لك ذرية وتكون في الدرجة الخامسة، وأنت في الدرجة السابعة، تُرقَّى الذرية من الخامسة إلى السابعة، ولا تُنقص أنت شيئًا، لا يقال: انزل درجة وهم يرقون درجة وتكونون في السادسة.
فالله يعامل بالفضل عز وجل، ولهذا قال: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ﴾؛ لأنه ربما يتوهم متوهم أنه إذا رُقيت الذرية نقص ثواب الآباء، فقال: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾، ولو أننا نزَّلنا الآباء ما صار العامل رهينًا بما کسب .

[تفسير سورة آل عمران ١ / ٥٠٠].

الشرح والإيضاح

﴿وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّیَّتُهُم بِإِیمَـٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَمَاۤ أَلَتۡنَـٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَیۡءࣲۚ كُلُّ ٱمۡرِىِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِینࣱ﴾ [الطور ٢١]
وهذا من تمام نعيم أهل الجنة، أن ألحق الله [بهم] ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان أي: الذين لحقوهم بالإيمان الصادر من آبائهم، فصارت الذرية تبعا لهم بالإيمان، ومن باب أولى إذا تبعتهم ذريتهم بإيمانهم الصادر منهم أنفسهم، فهؤلاء المذكورون، يلحقهم الله بمنازل آبائهم في الجنة وإن لم يبلغوها، جزاء لآبائهم، وزيادة في ثوابهم، ومع ذلك، لا ينقص الله الآباء من أعمالهم شيئا، ولما كان ربما توهم متوهم أن أهل النار كذلك، يلحق الله بهم أبناءهم وذريتهم، أخبر أنه ليس حكم الدارين حكما واحدا، فإن النار دار العدل، ومن عدله تعالى أن لا يعذب أحدا إلا بذنب، ولهذا قال: ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ أي: مرتهن بعمله، فلا تزر وازرة وزر أخرى، ولا يحمل على أحد ذنب أحد. هذا اعتراض من فوائده إزالة الوهم المذكور.
المصدر:
https://tafsir.app/saadi/52/21

تحميل التصميم