حقوق الطريق

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “إِيّاكُمْ والجُلُوسَ على الطُّرُقاتِ، فَقالوا: ما لَنا بُدٌّ، إنَّما هي مَجالِسُنا نَتَحَدَّثُ فِيها، قالَ: فَإِذا أَبَيْتُمْ إِلّا المَجالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّها، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ. (صحيح البخاري ٢٤٦٥).
لا يَحِلُّ إيذاءُ المُسلِمِ وإلحاقُ الضَّرَرِ به، صغيرًا كان أو كبيرًا؛ ولذلك نَهى النبيُّ ﷺ عن الجلوسِ في الطُّرُقاتِ، وينبغي لِمَنْ جَلَس في طَريقِ المسلمين أن يَغُضَّ بَصَرَه عن عَوْراتِ المارَّةِ، ويَكُفَّ أذاه عنهم وعن المسلِمين؛ باجتِنابِ الغِيبَةِ وظَنِّ السوءِ واحتِقارِ بعضِ المارِّينَ وتَضيِيقِ الطريقِ، وأن يَرُدَّ السَّلامَ على مَن يُلقِيه، ويَأمُرَ بالمعروفِ، ويَنْهى عن المُنكَرِ إذا رآه.

حق الجار عظيم

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: “لا يَمْنَعْ جارٌ جارَهُ أنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ في جِدارِهِ”. (صحيح البخاري ٢٤٦٣).
الجارُ في الإسلامِ حقُّهُ عظيمٌ، وقدْ أَوْصى النبيُّ ﷺ وحثَّ على الرِّفقِ به والتَّعاونِ معه، وفي هذا الحديثِ يُخبرُ أبو هريرةَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «لا يَمْنَعْ جارٌ جارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدارِهِ» وهذا أمرٌ منَ النبيِّ ﷺ للإرشادِ إلى التَّعاوُنِ بينَ الجيرانِ والمُعامَلةِ بالتَّسامُحِ في بعضِ الأُمورِ، ومِنها ألّا يَمْنعَ جارٌ جارَهُ مِن وَضعِ خَشبةٍ فوقَ جِدارِهِ وإنْ كانَ الجِدارُ ليسَ مِن حَقِّ واضعِ الخَشبةِ وَلا لَهُ فيهِ شَرِكةٌ، ولكنْ مِن حقِّ الجيرانِ أنْ ينفَعَ بعضُهمْ بَعضًا، دُونَ إِلحاقِ ضررٍ بأيٍّ مِن الطَّرَفينِ.

النهي عن صوم الدهر

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قالَ لي رَسولُ اللهِ ﷺ: يا عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو إنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وإنَّكَ إذا فَعَلْتَ ذلكَ، هَجَمَتْ له العَيْنُ، وَنَهَكَتْ لا صامَ مَن صامَ الأبَدَ، صَوْمُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، صَوْمُ الشَّهْرِ كُلِّهِ قُلتُ: فإنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: فَصُمْ صَوْمَ داوُدَ، كانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلا يَفِرُّ إذا لاقى. (صحيح مسلم ١١٥٩).

أفضل الصيام

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: أُخْبِرَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَقُولُ: واللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهارَ، ولَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ ما عِشْتُ. فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ ﷺ: أَنْتَ الذي تَقُولُ: واللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهارَ ولَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ ما عِشْتُ. قُلتُ: قدْ قُلتُهُ. قالَ: إنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذلكَ، فَصُمْ وأَفْطِرْ، وقُمْ ونَمْ، وصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيامٍ، فإنَّ الحَسَنَةَ بعَشْرِ أَمْثالِها، وذلكَ مِثْلُ صِيامِ الدَّهْرِ. فَقُلتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِن ذلكَ يا رَسولَ اللَّهِ. قالَ: فَصُمْ يَوْمًا وأَفْطِرْ يَومَيْنِ. قالَ: قُلتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِن ذلكَ، قالَ: فَصُمْ يَوْمًا وأَفْطِرْ يَوْمًا، وذلكَ صِيامُ داوُدَ وهو أَعْدَلُ الصِّيامِ. قُلتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ منه يا رَسولَ اللَّهِ. قالَ: لا أَفْضَلَ مِن ذلكَ. (صحيح البخاري ٣٤١٨).

انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: اقْتَتَلَ غُلامانِ غُلامٌ مِنَ المُهاجِرِينَ، وَغُلامٌ مِنَ الأنْصارِ، فَنادى المُهاجِرُ أَوِ المُهاجِرُونَ، يا لَلْمُهاجِرِينَ وَنادى الأنْصارِيُّ يا لَلأَنْصارِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ ﷺ، فَقالَ: ما هذا دَعْوى أَهْلِ الجاهِلِيَّةِ قالوا: لا يا رَسولَ اللهِ، إلّا أنَّ غُلامَيْنِ اقْتَتَلا فَكَسَعَ أَحَدُهُما الآخَرَ، قالَ: فلا بَأْسَ وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخاهُ ظالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا، إنْ كانَ ظالِمًا فَلْيَنْهَهُ، فإنَّه له نَصْرٌ وإنْ كانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ. (صحيح مسلم ٢٥٨٤).

دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ: هي قولهم: يالفلان أو يآل فلان؛ كان الرجل منهم إذا تغلب عليه خصمه نادى قومه فيبتدرون إلى نصره ظالمًا كان أو مظلومًا؛ جهلاً منهم وعصبية.

استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، إذا أَتاهُ طالِبُ حاجَةٍ، أَقْبَلَ على جُلَسائِهِ فَقالَ: اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ على لِسانِ نَبِيِّهِ ما أَحَبَّ. (صحيح مسلم ٢٦٢٧).
«طالِبُ حاجةٍ»، أي: يَسْعى بطَلَبِهِ وحاجتِه إلى النبيِّ ﷺ ويتوجَّهُ بها إليه.
«َقْبَلَ النبيُّ علينا بوَجْهِهِ»، أي: تَوجَّهَ إلى الصَّحابَةِ بوَجْهِهِ؛ ليُنبِّهَهُمْ ويُرْشِدَهُمْ، فقال ﷺ: «اشْفَعوا»، أي: تَوسَّطوا في طَلَبِ حاجاتِ النّاسِ وقَضائها، وارْفَعُوها لمن يَقْضِيها، «فلْتُؤجَروا»، أي: تَنالوا الأَجْرَ، وتَأخُذوا الثَّوابَ من اللهِ.
«وليَقْضِ اللهُ على لسانِ نبيِّهِ ما شاء»، أي: ولْيُجْرِ الله على لِساني ما شاء، فإنْ قَضَيتُ حاجةً ممّا شَفَعْتُم فيه فهو بتقديرِ اللهِ، وإنْ لم أَقْضِ فهو أيضًا بتقديرِ اللهِ، ومِن قضاءِ اللهِ وحُكْمِهِ الذي أَجْراه على لسانِ نبيِّه: أنَّ مَن تَوسَّطَ بالخيرِ وكان سببًا في قضاءِ حاجاتِ النّاسِ، فإنَّه يُؤجَرُ ويُثابُ، على أنَّ الشَّفاعَةَ يَنْبَغي أنْ تكونَ في الخيرِ والمعروفِ، وليس فيما يُبْغِضُه اللهُ مِنَ المَعاصي، ولا في الحُدودِ ونحوِها بَعدَ رفْعها للإمامِ.

من الأذكار المهمة قبل النوم

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “إذا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ على شِقِّكَ الأيْمَنِ، وقُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَهْبَةً ورَغْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولا مَنْجا مِنْكَ إلّا إلَيْكَ، آمَنْتُ بكِتابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإنْ مُتَّ مُتَّ على الفِطْرَةِ فاجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ فَقُلتُ أسْتَذْكِرُهُنَّ: وبِرَسولِكَ الذي أرْسَلْتَ. قالَ: لا، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ.

من جوامع الدعاء النبوي

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاءَ أَعْرابِيٌّ إلى رَسولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ: عَلِّمْنِي كَلامًا أَقُولُهُ.
قالَ: قُلْ: “لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، والْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، سُبْحانَ اللهِ رَبِّ العالَمِينَ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلّا باللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ”.
قالَ: فَهَؤُلاءِ لِرَبِّي، فَما لِي؟
قالَ: قُلْ: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارْحَمْنِي واهْدِنِي وارْزُقْنِي”. (صحيح مسلم ٢٦٩٦).

من جوامع الكلم النبوية

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
“الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شيء فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ” (رواه مسلم ٢٦٦٤).
في الحديث: الأمرُ بفعل الأَسباب والاستعانة بالله.
وفيه: التسليم لأمر الله، والرضا بقدره عز وجل.
وفيه: ثبوت صفة المحبة لله عز وجل.
وفيه: أن الإيمان يشملُ العقائد القلبية والأَقوال والأَفعال.
وفيه: أن المؤمنين يتفاوتون في الخيرية، ومحبة الله والقيام بدينه، وأَنهم في ذلك درجات.

أنفع الوصايا في القرآن والسنة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ما أعلم وصية أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها؛ قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) النساء: 131.
ووصى النبي ﷺ معاذًا لما بعثه إلى اليمن فقال: “يا معاذ: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخُلق حسن”، ثم إنه ﷺ وصَّاه هذه الوصية، فعلم أنها جامعة، وهي كذلك لمن عقلها.