الافتقار إلى الله باب العبودية

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
“وَأَمَّا الشَّكْوَى إلَى الْخَالِقِ فَلَا تُنَافِي الصَّبْرَ الْجَمِيلَ.. وَكُلَّمَا قَوِيَ طَمَعُ الْعَبْدِ فِي فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَرَجَائِهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَدَفْعِ ضَرُورَتِهِ قَوِيَتْ عُبُودِيَّتُهُ لَهُ وَحُرِّيَّتُهُ مِمَّا سِوَاهُ؛ فَكَمَا أَنَّ طَمَعَهُ فِي الْمَخْلُوقِ يُوجِبُ عُبُودِيَّتَهُ لَهُ فَيَأْسُهُ مِنْهُ يُوجِبُ غِنَى قَلْبِهِ عَنْهُ”.

الصبر نصف الإيمان وهو من عزم الأمور

عَوِّد نفسك على الصبر، فهو نصف الإيمان.
{وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17] {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: 11]

أصلح نفسك ولا تغفل عن دعوة الناس

عندما يُصْلِح الإنسان نفسه لا يضره شيء، لكن عليه ألا يغفل عن دعوة الناس إلى الحق.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة: 105].

جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحًا يُفتح به

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
وقد جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحًا يُفتح به؛ فجعل مفتاح الصلاة: الطهور. ومفتاح الحج: الإحرام. ومفتاح البر: الصدق. ومفتاح الجنة: التوحيد. ومفتاح العلم: حُسن السؤال وحسن الإصغاء. ومفتاح النصر والظفر: الصبر. ومفتاح المزيد: الشكر. ومفتاح الولاية: المحبة والذكر. ومفتاح الفلاح: التقوى.

التعبد لله بالقيام بوظيفة الصبر والرضا

قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
المكروه والمصائب إذا ابتلى الله بها العبد، وأدى فيها وظيفة الصبر والرضا والتسليم، هانت وطأتها، وخفت مؤنتها، وكان تأمل العبد لأجرها وثوابها والتعبد لله بالقيام بوظيفة الصبر والرضا؛ يدع الأشياء المرة حلوة فتنسيه حلاوة أجرها مرارة صبرها.

من وصايا أئمة السلف

أوصى سفيان الثوري علي بن الحسن السلمي فقال:
إياك والخصومات والجدال والمراء.
وعليك بالصبر في المواطن كلها؛ فإن الصبر يجر إلى البر، والبر يجر إلى الجنة.
وإياك والحدة والغضب؛ فإنهما يجران إلى الفجور، والفجور يجر إلى النار.

من حكمة الابتلاء بالشر والخير

قال تعالى: ‏(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) الأنبياء: 35.
أي: نختبركم بالشر؛ لنعلم كيف صبركم،
وبالخير؛ لنعلم كيف شكركم.

آية تُفسِح للمرء مضايق الدنيا

قال الله تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) الطور: ٤٨. قال ابن عطية الأندلسي رحمه الله: هذهِ الآية ينبغي أن يقرِّرها كل مؤمن في نفسه، فإنها تُفسح له مضايق الدنيا.

أفضل الدعاء أشمله لحاجة العبد

قال تعالى: (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) البقرة: 250.
فيه حسن الترتيب؛ حيث طلبوا أولا: إفراغ الصبر على قلوبهم عند اللقاء، وثانيًا: ثبات القدم والقوة على مقاومة العدو؛ حيث إن الصبر قد يحصل لمن لا مقاومة له، وثالثًا: العمدة والمقصود من المحاربة؛ وهو النصرة على الخصم.

السراء والضراء والمشقة امتحان واختبار

قال تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ البقرة: 214. يخبر تبارك وتعالى أنه لا بد أن يمتحن عباده بالسراء والضراء والمشقة كما فعل بمن قبلهم، فهي سنته الجارية، التي لا تتغير ولا تتبدل، أن من قام بدينه وشرعه، لا بد أن يبتليه، فإن صبر على أمر الله، ولم يبال بالمكاره الواقفة في سبيله، فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها، ومن السيادة آلتها. ومن جعل فتنة الناس كعذاب الله، بأن صدته المكاره عما هو بصدده، وثنته المحن عن مقصده، فهو الكاذب في دعوى الإيمان، فإنه ليس الإيمان بالتحلي والتمني، ومجرد الدعاوى، حتى تصدقه الأعمال أو تكذبه.