معالم قرآنية في صَرْح الأخوة

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} [الإسراء / 53]
أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم، فدواء هذا أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم؛ لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم؛ فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه. [السعدي:٤٦٠][/box]

الشرح والإيضاح

(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)).

وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.
أي: وقُلْ -يا مُحمَّدُ- آمِرًا عبادي المُؤمِنينَ بأن يَقولَ بَعضُهم لِبَعضٍ في مُحاوراتِهم ومُخاطباتِهم الكَلامَ الأحسَنَ؛ مِن الكَلِماتِ الطَّيِّبةِ اللَّيِّنةِ اللَّطيفةِ، التي هي أحسَنُ مِمَّا سِواها (7) .
قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت: 34- 35].
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الكَلِمةُ الطَّيِّبةُ صَدَقةٌ)) .
إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ.
أي: قُلْ لهم يَقولوا التي هي أحسَنُ؛ لأنَّ الشَّيطانَ البَعيدَ مِن الرَّحمةِ وكُلِّ خَيرٍ يقومُ بالإفسادِ بينهم، وتَهييجِ العَداواتِ والشُّرورِ، مِن المُخاصَمةِ والمُقاتَلةِ وغَيرِ ذلك .
عن جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّ الشَّيطانَ قد أَيِسَ أن يَعبُدَه المصَلُّونَ في جزيرةِ العَرَبِ، ولكِنْ في التَّحريشِ بينهم)) .
إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا.
أي: إنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بينهم؛ لأنَّه كان لآدَمَ وذُرِّيَّتِه عَدُوًّا مُظهِرًا لشدَّةِ عَداوتِه، مِن حينِ امتِناعِه مِن السُّجودِ لآدَمَ وحَسَدِه له حتى أخرَجَه مِن الجنَّةِ .
كما قال تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [الكهف: 50].
وعن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ إبليسَ يَضَعُ عَرشَه على الماءِ، ثمَّ يَبعَثُ سَراياه، فأدْناهم منه مَنزِلةً أعظَمُهم فِتنةً، يجيءُ أحَدُهم فيَقولُ: فعَلْتُ كذا وكذا، فيقولُ: ما صنعْتَ شَيئًا! قال: ثم يجيءُ أحَدُهم فيقولُ: ما تركْتُه حتى فَرَّقتُ بينه وبين امرأتِه، قال: فيُدنيه منه ويَقولُ: نِعْمَ أنتَ!!)) .
مصدر الشرح:
https://dorar.net/tafseer/17/13