انقلاب أعمال الخاسرين حسرة وندامة

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [سورة البقرة:167]. “”أعمالهم التي يؤملون نفعها وحصول نتيجتها انقلبت عليهم حسرة وندامة. وحينئذ يتمنى التابعون أن يُرَدُّوا إلى الدنيا فيتبرأوا من متبوعيهم؛ بأن يتركوا الشرك بالله، ويقبلوا على إخلاص العمل لله، وهيهات، فات الأمر، وليس الوقت وقت إمهال وإنظار””. [تفسير السعدي: ص٨٠].[/box]

الشرح و الإيضاح 

وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُوا مِنَّا.
أي: تمنَّى أتباعُ الضَّلالة نادمينَ أنْ لو كانت لهم فرصةٌ أخرى للرُّجوع إلى الدُّنيا دارِ العمل؛ لِيتمكَّنوا فيها من التبرُّؤ ممن اتَّخذوهم أندادًا، ولِيُخلِصوا المحبَّةَ والعملَ لله تعالى وحده، ولِيَشْفوا غيظَ قلوبهم من مَتْبوعيهم الذين تبرَّؤوا منهم وخذَلوهم .
كما قال سبحانه: وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء: 91-102].
وقال تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الأنعام: 27-28].
كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ.
أي: أخبَر الله تعالى عن شُعورِهم بالنَّدم الشَّديد حين انكشف لهم خُبثُ أعمالِهم، وتفريطُهم في جَنْبِ الله تعالى، وقد تبيَّن لهم يقينًا أنَّ ما رأَوْه مِن عملِهم في الدنيا خيرًا قد تلاشى واضمحلَّ هباءً منثورًا، كسرابٍ من الأوهام تعلَّقوا به للنَّجاة، وحين أتَوْه لم يرَوْا من أعمالهم شيئًا، عدا أثرها مِن الحسَرات والعقوبات .
وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ.
أي: إنَّ هؤلاء الذين وصَف الله تعالى حالَهم، لا يَنفعُهم تحسُّرُهم وندمُهم؛ فهم باقون في النَّار، غيرُ خارجينَ منها إلى غيرِ حدٍّ ولا نهاية.
مصدر الشرح:https://dorar.net/tafseer/2/277