احذر السخرية من الآخرين وتضخُّم الأنا

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا۟ لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا۟ خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ} [الحجرات: 11].
ولقد بلغ بالسلف إفراط توقيهم وتصونهم من ذلك أن قال عمرو بن شرحبيل: لو رأيت رجلاً يرضع عنزًا فضحكت منه لخشيت أصنع مثل الذي صنع.
وعن عبد الله بن مسعود: البلاء موكل بالقول؛ لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبًا. [القرطبي: ١٩/٣٨٣].[/box]

الشرح والإيضاح

﴿يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىۤ أَن يَكُونُوا۟ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىۤ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوۤا۟ أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِٱلْأَلْقَـٰبِ بِئْسَ ٱلِٱسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلْإِيمَـٰنِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُو۟لَـٰۤئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ [الحجرات ١١]
وهذا أيضًا، من حقوق المؤمنين، بعضهم على بعض، أن ﴿لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ﴾ بكل كلام، وقول، وفعل دال على تحقير الأخ المسلم، فإن ذلك حرام، لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه، وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر، كما هو الغالب والواقع، فإن السخرية، لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم، ولهذا قال النبي ﷺ “بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم”
ثم قال: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أي: لا يعب بعضكم على بعض، واللمز: بالقول، والهمز: بالفعل، وكلاهما منهي عنه حرام، متوعد عليه بالنار.
كما قال تعالى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ الآية، وسمي الأخ المؤمن نفسًا لأخيه، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون هكذا حالهم كالجسد الواحد، ولأنه إذا همز غيره، أوجب للغير أن يهمزه، فيكون هو المتسبب لذلك.
﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ أي: لا يعير أحدكم أخاه، ويلقبه بلقب ذم يكره أن يطلق عليه وهذا هو التنابز، وأما الألقاب غير المذمومة، فلا تدخل في هذا.
﴿بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ أي: بئسما تبدلتم عن الإيمان والعمل بشرائعه، وما تقتضيه، بالإعراض عن أوامره ونواهيه، باسم الفسوق والعصيان، الذي هو التنابز بالألقاب.
﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ فهذا [هو] الواجب على العبد، أن يتوب إلى الله تعالى، ويخرج من حق أخيه المسلم، باستحلاله، والاستغفار، والمدح له مقابلة [على] ذمه.
﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ فالناس قسمان: ظالم لنفسه غير تائب، وتائب مفلح، ولا ثم قسم ثالث غيرهما.
مصدر الشرح:
https://tafsir.app/saadi/49/11