لتوقي الفيروسات يجب التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “”لَا عَدْوَى.. وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الْأَسَدِ”” (صحيح البخاري 5380).

قال المباركفوري: (لَا عَدْوَى): أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ أَصْحَابُ الطَّبِيعَةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الْعِلَلَ الْمُعْدِيَةَ مُؤَثِّرَةً لَا مَحَالَةَ، فَأَعْلَمَهُمْ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُونَ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشِيئَةِ؛ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
وقوله: “”فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ”” فيه أَنَّ مُدَانَاةَ ذَلِكَ سَبَبٌ الْعِلَّةِ؛ فَلْيَتَّقِهِ اِتِّقَاءَ الْجِدَارِ الْمَائِلِ وَالسَّفِينَةِ الْمَعْيُوبَةِ. إِنَّ الْأَمْرَ بِالتَّجَنُّبِ أَظْهَرُ مِنْ فَتْحِ مَادَّةِ ظَنِّ أَنَّ الْعَدْوَى لَهَا تَأْثِيرٌ بِالطَّبْعِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ فَلَا دَلَالَةَ أَصْلًا عَلَى نَفْيِ الْعَدْوَى. لأنَّه يُفْضِي إِلَى تَعْطِيلِ الْأُصُولِ الطِّبِّيَّةِ وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَعْطِيلِهَا، بَلْ وَرَدَ بِإِثْبَاتِهَا، وَالْعِبْرَةُ بِهَا. (تحفة الأحوذي 4/ 288 بتصرف واختصار).

كلما قوي التوحيد في القلب قوي الإيمان والتوكل واليقين

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
‏””كلما قَوِيَ التوحيد في قلب العبد؛ قويَ إيمانه وطمأنينته وتوكُّله ويقينه”” (مجموع الفتاوى 28/35).

كلما قوي إيمان العبد بربه كان توكله عليه أقوى

قال الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التغابن: 13].
قال ابن القيم رحمه الله: “”فذِكرُ اسم الإيمان هاهنا دون سائر أسمائهم دليلٌ على استدعاء الإيمان للتوكل، وأن قوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه، وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل، وإذا كان التوكل ضعيفًا فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بد””. [طريق الهجرتين: 1/386]

خذ بالأسباب المشروعة وتوكل على الله واصبر على ما أصابك

فقال عز وجل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10].
على كُلِّ مسلمٍ أن يُفَوِّضَ أُمورهَ إلى الله عز وجل، راجِيًا فضْلَه، وطامِعًا في نَوالِـهِ، ومتوكِّلًا عليه، فالأمورُ كلُّها بيدِه وطَوْعُ تدبيره وتَسْخِـيره. وأن يجتهدَ في تلقِّي ما يَحِلُّ به من المصائبِ بالصَّبر والاحتِساب، فإنَّ الله عز وجل وَعَدَ مَنْ صَبَـرَ واحتَسَبَ بالثَّواب والأجر الجزيل.

أحاط الله بكل شيء علما وهو على كل شيء قدير، فلا تقلق

قالَ ربُّنا عَزّ وجَلّ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: ١٢].
اعلموا أن الله على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء، وأنه سبحانه أحاط بكل شيء علمًا، فلا يخفى عليه شيء في السماوات ولا في الأرض.

وتوكل على الحي الذي لا يموت

﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾[الطلاق: 3]
وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي العزيز الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له. (السعدي رحمه الله).

وإلى ربك فارغب

(وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) [التوبة: 59]
﴿وقالوا حسبنا الله﴾ أي‏:‏ كافينا الله، فنرضى بما قسمه لنا، وليؤمّلوا فضله وإحسانه إليهم بأن يقولوا‏:‌‏ ﴿سيؤتينا الله من فضله..﴾. (السعدي رحمه الله).

أهمية الاعتصام بالله والتوكل عليه

عن أبي بكر رضي الله عنه قال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا. فقال ﷺ: “”مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا”” (صحيح البخاري 3453)
من توكَّل على الله كفاه، ونصره، وأعانه، وكلأه وحفظه

الافتقار إلى الله لُبّ العبودية

واعلم أن: من هو على اللوح في البحر ليس بأحوج إلى الله والى لطفه ممن هو في بيته بين أهله وماله.
فإذا حققت هذا في قلبك؛ فاعتمد على الله اعتماد الغريق الذي لا يعلم له سبب نجاة إلا الله؛ { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } (الطلاق: 3) [ابن قدامة المقدسي رحمه الله]