بين التوحيد الخالص والمتابعة الصادقة

عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ: “”إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ”” (صحيح البخاري 1520).
(لا تضر ولا تنفع) أي: بذاتك. وإنما النفع بالثواب الذي يحصل بامتثال أمر الله تعالى في تقبيله.

تفاضل ثواب الأعمال بحسب ما في القلب من الإخلاص والمحبة

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء: 40].
قال السعدي: ‏”﴿وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا﴾: إلى عشرة أمثالها، إلى أكثر من ذلك، بحسب حالها ونفعها وحال صاحبها، إخلاصًا ومحبة”(تفسير السعدي).

بركة الرزق

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله:” أول بركة الرزق أن يكون مؤسسًا على التقوى، والنية الصالحة.
ومن بركة الرزق أن يوفَّق العبد لوضعه في مواضعه الواجبة والمستحبة.
ومن بركة الرزق والمعاملة ألا ينسى العبد الفضل، قال تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}[البقرة: 237]، وذلك بالتيسير على الموسرين وإنظار المعسرين، والمحاباة عند البيع والشراء بما تيسَّر من قليل وكثير، وإقالة المستقيل، والسماحة في البيع والشراء، فمن وفِّق لهذا أدرك خيرًا كثيرًا”. (الفتاوى السعدية -ضمن مجموع مؤلفاته -٤١/٢٤).

من أسباب ضياع معاني الأخوة العمل لغير الله تعالى

قال الله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا} [ الإنسان: 9].
“ومن طلب من الفقراء الدعاء أو الثناء، خرج من هذه الآية”. [ابن تيمية: ٦/٤٤١]
ويقصدون بإنفاقهم وإطعامهم وجه الله تعالى، ويقولون بلسان الحال: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ أي: لا جزاءً ماليًّا ولا ثناءً قوليًّا. (تفسير السعدي)

من قام بهما قام بجميع شرائع الدين

﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].
خص الصلاة والزكاة بالذكر مع أنهما داخلان في قوله {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين. (تفسير السعدي ص931).

دين القيمة

﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].
{وَذَلِكَ} أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو {دِينُ الْقَيِّمَةِ} أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم. (تفسير السعدي ص931)

إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله

“سائر العبادات، إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي لا روح فيه” (تفسير السعدي بتصرف ص538).

من أخلص لله فقد هُدِيَ إلى الطيب من القول

قال تعالى: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾ [الحج: 24]، أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك (وهدوا إلى الطيب من القول) قال: الإخلاص(الدر المنثور، 7/ 537).

الإخلاص تجارةٌ رابحةٌ مع الله لن تبور

الإخلاص تجارةٌ رابحةٌ مع الله لن تبور، ومن أخلص عمله وقوله لله فقد استمسك بالعروة الوثقى، والإخلاص هو حبل الله القوي المتين، الذي أمر الله أن نعتصم به، قال تعالى: ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ [فاطر: 29] قال الرازي: “إشارة إلى الإخلاص أي ينفقون لا ليقال إنه كريم ولا لشيء من الأشياء غير وجه الله فإن غير الله بائر والتاجر فيه تجارته بائرة”(مفاتيح الغيب 26/21).

الشفاعة في الآخرة لن يستحقها إلا المخلصون

عن أبي هريرة أنه قال: قيل يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله ﷺ: «لقد ظننت -يا أبا هريرة- أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه»(صحيح البخاري 99).