من حكمة الابتلاء بالشر والخير
قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) الأنبياء: 35.
أي: نختبركم بالشر؛ لنعلم كيف صبركم،
وبالخير؛ لنعلم كيف شكركم.
قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) الأنبياء: 35.
أي: نختبركم بالشر؛ لنعلم كيف صبركم،
وبالخير؛ لنعلم كيف شكركم.
عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «يُقبض العلم، ويظهر الجهل والفتن، ويكثر الهرج»، قيل يا رسول الله، وما الهرج؟ فقال: «هكذا بيده فحرفها، كأنه يريد القتل».
يُقبض العلم: يذهب ويُفقد بموت العلماء.
الفتن: جمع فتنة وهي الإثم والضلال.
الهرج: الفتن واختلاط الأمور وكثرة الشر، ومن ذلك القتل.
عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “من أشراط الساعة: أن يقلّ العلم، ويَظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأةً القيّم الواحد”.
القيّم الواحد: الرجل الذي يقوم بأمورهن؛ وذلك بسبب كثرة الفتن والحروب التي يذهب فيها الكثير من الرجال.
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-:
«مَن كان منكم مستنًّا فليستنَّ بمَن مات؛ فإن الحيّ لا تُؤمَن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد كانوا أفضل هذه الأُمَّة، أبرها قلوبًا وأعمقها علمًا، وأقلّها تكلفًا، اختارهم الله لصحبة نبيّه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسِيَرهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم»
قال رسول الله ﷺ: “أنا فَرَطُكُم عَلى الحَوْضِ، مَن مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، ومَن شَرِبَ لَم يَظْمأ أبَدًا، ولَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أقْوامٌ أعْرِفُهُم ويَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحالُ بَيْنِي وبَيْنَهُم، فَأقُولُ: إنَّهُم مِنِّي، فَيُقالُ: إنَّكَ لاَ تَدْرِي ما أحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَن غَيَّرَ بَعْدِي”، فَكانَ ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنّا نَعُوذُ بِكَ أنْ نَرْجِعَ عَلى أعْقابِنا، أوْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنا”صحيح البخاري: ٦٥٨٣ قال ابن عبد البر: “كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض “
عَنْ عِمْرَان بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنمها عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: “”مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ، فَلْيَنْأَ مِنْهُ، مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ، فَلْيَنْأَ مِنْهُ، مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ، فَلْيَنْأَ مِنْهُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَلَا يَزَالُ بِهِ لِمَا مَعَهُ مِنَ الشُّبَهِ حَتَّى يَتَّبِعَهُ”” (أخرجه أبو داود ٤٣١٩، وصححه الألباني)
قال البخاري -رحمه الله-: باب ما جاء في قوله تعالى: { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً }[الأنفال: 25]، ثم ذكر بعض الأحاديث تحت هذا الباب.
قال الحافظ ابن حجر: “”وعند الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمّهم العذاب”” (فتح الباري 6/ 13).
قال الله تعالى: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)[العاديات: 8]
“”الإنسان كثير الحب للمال؛ وحبه لذلك، هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه، قدّم شهوة نفسه على حق ربه، وكل هذا؛ لأنه قصَر نظره على هذه الدار، وغفل عن الآخرة”” (تفسير السعدي).
عن حُذَيْفَة رضي الله عنه قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: “”تُعْرَضُ الفِتَنُ على القُلُوبِ كالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْداءُ، وأَيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتّى تَصِيرَ على قَلْبَيْنِ، على أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ، والآخَرُ أسْوَدُ مُرْبادًّا كالْكُوزِ مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إلّا ما أُشْرِبَ مِن هَواهُ””. (صحيح البخاري ١٤٣٥، صحيح مسلم ١٤٤).
(تعرض الفتن.. عودًا عودًا) أي تلصق بعرض القلوب أي جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه.
(فأي قلب أشربها) أي دخلت فيه دخولاً تامًّا، وحلت منه محل الشراب.
(نكت فيه نكتة) أي نقط نقطة.
(أنكرها) ردَّها.
(مثل الصفا) الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه كالحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء.
(مربادًا) مسودًا
(مجخيًا) مائلاً ومنكوسًا، وهو وصف بأنه قلب نُكِّس لا يعلق به خير ولا حكمة.
قال الله تعالى: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [سورة الأعراف: 99]
وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ، على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنًا على ما معه من الإيمان. بل لا يزال خائفًا وَجِلا أن يُبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان، وأن لا يزال داعيًا بقوله: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، وأن يعمل ويسعى، في كل سبب يخلصه من الشر، عند وقوع الفتن، فإن العبد – ولو بلغت به الحال ما بلغت – فليس على يقين من السلامة””. [تفسير السعدي: ص٢٩٨].
بالإخلاص لله عز وجل يخلص القلب من جميع الفتن، قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف: 24] يقول ابن القيم: “فالسوء: العشق، والفحشاء: الزنا، فالمخلص قد خلص حبه لله فخلصه الله من فتنة عشق الصور، والمشرك قلبه متعلق بغير الله لم يخلص توحيده وحبه لله عز وجل”( إغاثة اللهفان 2/ 141).