حقوق الطريق

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “إِيّاكُمْ والجُلُوسَ على الطُّرُقاتِ، فَقالوا: ما لَنا بُدٌّ، إنَّما هي مَجالِسُنا نَتَحَدَّثُ فِيها، قالَ: فَإِذا أَبَيْتُمْ إِلّا المَجالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّها، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ. (صحيح البخاري ٢٤٦٥).
لا يَحِلُّ إيذاءُ المُسلِمِ وإلحاقُ الضَّرَرِ به، صغيرًا كان أو كبيرًا؛ ولذلك نَهى النبيُّ ﷺ عن الجلوسِ في الطُّرُقاتِ، وينبغي لِمَنْ جَلَس في طَريقِ المسلمين أن يَغُضَّ بَصَرَه عن عَوْراتِ المارَّةِ، ويَكُفَّ أذاه عنهم وعن المسلِمين؛ باجتِنابِ الغِيبَةِ وظَنِّ السوءِ واحتِقارِ بعضِ المارِّينَ وتَضيِيقِ الطريقِ، وأن يَرُدَّ السَّلامَ على مَن يُلقِيه، ويَأمُرَ بالمعروفِ، ويَنْهى عن المُنكَرِ إذا رآه.

كن حكيمًا رفيقًا في الدعوة إلى الله

كن حكيمًا في دعوتك إلى الله تعالى، واستخدم الكلمة الطيبة التي تفتح مغاليق القلوب.
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].
{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

زكِّ نفسك وطهرها بالطاعات وابتعد عن المعاصي

الفائز مَن يزكّي نفسه ويطهّرها بالطاعات، والخاسر مَن يُهين نفسه بالمعاصي.
قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9- 10].
وقال سبحانه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5-10]

عليك بالزهد يُبصّرك الله عورات الدنيا

من وصية سفيان الثوري لعلي بن الحسن السلمي: عليك بالزهد يُبصّرك الله عورات الدنيا، وعليك بالورع يُخفّف الله حسابك.
دَعْ كثيرًا مما يريبك إلى ما لا يريبك تكن سليمًا.
ادفع الشك باليقين يسلم لك دينك.
وأْمُرْ بالمعروف وانْهَ عن المنكر؛ تكن حبيب الله.

حجاب من النار لمن يموت لها اثنين من أبنائها

عن أبي سعيد الخدري، قال: قالت النساء للنبي ﷺ: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن: «ما منكن امرأة تقدم ثلاثةً من ولدها، إلا كان لها حجابًا من النار». فقالت امرأة: واثنتين؟ فقال: «واثنتين».
غلبنا عليك الرجال: أفادوا منك أكثر منا لملازمتهم لك وضعفنا عن مزاحمتهم.
يومًا: تعلّمنا فيه وتخصنا به.
من نفسك: من اختيارك أو من أوقات فراغك.
تقدم: يموت لها في حياتها.
حجابًا: حاجزًا يحجبها.

جواز ‏تخصيص النساء بالموعظة

عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ «خرج ومعه بلال إلى صفوف النساء، فوعظهن وأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم، وبلال يأخذ في طرف ثوبه».

القرط: الحلق الذي يُعلق في شحمة الأذن لدى النساء.

يأخذ: ما يتصدق به.

مراعاة الداعية لأحوال المدعوين

عن أبي وائل، قال: (كان عبد الله يُذكِّر الناسَ في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددتُ أنك ذكّرتنا كل يوم؟ قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أُمِلّكم، وإني أتخوّلكم بالموعظة، كما كان النبي ﷺ يتخولنا بها؛ مخافة السآمة علينا).
يذكر الناس: يعظهم ويعلمهم أمور دينهم.
يتخولنا بالموعظة: يتعهدنا مراعيًا أوقات نشاطنا ولا يفعل ذلك دائمًا.
كراهة السآمة: لا يحب أن يصيبنا الملل.

هدي النبي ﷺ في الوعظ

عن ابن مسعود، قال: (كان النبي ﷺ يتخولنا بالموعظة في الأيام؛ كراهة السآمة علينا).
يتخولنا بالموعظة: يتعهدنا مراعيًا أوقات نشاطنا، ولا يفعل ذلك دائمًا.
كراهة السآمة: لا يحب أن يصيبنا الملل.

الثبات عند المصائب ونصيحة المسلمين

عن جرير بن عبد الله أنه قام يوم مات المغيرة بن شعبة، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار، والسكينة، حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن. ثم قال: استعفوا لأميركم، فإنه كان يحب العفو، ثم قال: أما بعد، فإني أتيت النبي ﷺ قلت: أبايعك على الإسلام فشرط عليَّ: «والنصح لكل مسلم» فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل.
استعفوا: اطلبوا له العفو من الله تعالى.

من صور مواساة المؤمنين لإخوانهم

قال ابن القيم رحمه الله:
«المواساة للمؤمنين أنواع: مواساة بالمال، ومواساة بالجاه، ومواساة بالبدن والخدمة، ومواساة بالنصيحة والإرشاد، ومواساة بالدعاء، والاستغفار لهم، ومواساة بالتوجُّع لهم، وعلى قَدْر الإيمان تكون هذه المواساة، فكلما ضعف الإيمان ضعفت المواساة، وكلما قوي قويت، وكان رسول الله ﷺ أعظم الناس مواساة لأصحابه بذلك كله، فَلأتباعِهِ من المواساة بحسب اتِّباعِهِم لَهُ»
المواساة: الدعم والمساندة.