أفضل الدعاء أشمله لحاجة العبد

قال تعالى: (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) البقرة: 250.
فيه حسن الترتيب؛ حيث طلبوا أولا: إفراغ الصبر على قلوبهم عند اللقاء، وثانيًا: ثبات القدم والقوة على مقاومة العدو؛ حيث إن الصبر قد يحصل لمن لا مقاومة له، وثالثًا: العمدة والمقصود من المحاربة؛ وهو النصرة على الخصم.

شتان بين المقاييس الربانية والمقاييس البشرية في اصطفاء البشر

قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة: 247.
لا تستبعدوا تملكه عليكم لفقره وانحطاط نسبه عنكم؛ أما أولا: فلأن ملاك الأمر هو اصطفاء الله تعالى، وقد اصطفاه واختاره، وهو سبحانه أعلم بالمصالح لكم، وأما ثانيًا: فلأن العمدة وُفور العلم ليتمكن به من معرفة الأمور السياسية، وجسامة البدن ليكون أعظم خطرًا في القلوب، وأقوى على كفاح الأعداء ومكابدة الحروب.

سر تقديم البسطة في العلم على البسطة في الجسم

قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة: 247.
في تقديم البسطة في العلم على البسطة في الجسم إيماء إلى أن الفضائل النفسانية أعلى وأشرف من الفضائل الجسمانية، بل يكاد لا يكون بينهما نسبة.

خطورة تربية المجتمع على التنعم

قال تعالى: (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) البقرة: 246.
لما فُرِضَ عليهم القتال، ورأوا الحقيقة، ورجعت أفكارهم إلى مباشرة الحرب: ﴿تولوا﴾ أي: اضطربت نياتهم، وفترت عزائمهم. وهذا شأن الأمم المتنعمة، المائلة إلى الدعة؛ تتمنى الحرب أوقات الأنفة، فإذا حضرت الحرب كَعّت وانقادت لطبعها. .

لا تتمنوا لقاء العدو

قال تعالى: (قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) البقرة: 246.
فيه إشعار لهذه الأمة بأن لا تطلب الحرب ابتداء، وإنما تدافع عن منعها من إقامة دينها.. فحق المؤمن أن يأبى الحرب ولا يطلبه؛ فإنه إن طلبه فأوتيه عجز كما عجز هؤلاء حين تولوا إلا قليلاً.

تأملات في قصة بني إسرائيل في القرآن

قال تعالى: (قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) البقرة: 246.
أي: أي شيء يمنعنا من القتال وقد ألجأنا إليه، بأن أخرجنا من أوطاننا وسُبيت ذرارينا، فهذا موجب لكوننا نقاتل ولو لم يكتب علينا، فكيف مع أنه فرض علينا وقد حصل ما حصل، ولهذا لما لم تكن نياتهم حسنة ولم يقوَ توكلهم على ربهم.

لن يُغني حَذَر من قَدَر

قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) البقرة: 243.
وفي هذه القصة عبرة ودليل على أنه لن يُغني حَذَر من قَدَر، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، فإن هؤلاء فرّوا من الوباء طلبًا لطول الحياة فعُومِلُوا بنقيض قَصْدهم، وجاءهم الموت سريعًا في آن واحد.