التوسط والاعتدال في العبادات

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قالَ لي رَسولُ اللهِ ﷺ: “إنَّ أَحَبَّ الصِّيامِ إلى اللهِ، صِيامُ داوُدَ، وَأَحَبَّ الصَّلاةِ إلى اللهِ، صَلاةُ داوُدَ عليه السَّلام، كانَ يَنامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، ويقومُ ثُلُثَهُ، وَيَنامُ سُدُسَهُ، وَكانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا. (صحيح مسلم ١١٥٩).

النهي عن صوم الدهر

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قالَ لي رَسولُ اللهِ ﷺ: يا عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو إنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وإنَّكَ إذا فَعَلْتَ ذلكَ، هَجَمَتْ له العَيْنُ، وَنَهَكَتْ لا صامَ مَن صامَ الأبَدَ، صَوْمُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، صَوْمُ الشَّهْرِ كُلِّهِ قُلتُ: فإنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: فَصُمْ صَوْمَ داوُدَ، كانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلا يَفِرُّ إذا لاقى. (صحيح مسلم ١١٥٩).

أفضل الصيام

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: أُخْبِرَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَقُولُ: واللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهارَ، ولَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ ما عِشْتُ. فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ ﷺ: أَنْتَ الذي تَقُولُ: واللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهارَ ولَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ ما عِشْتُ. قُلتُ: قدْ قُلتُهُ. قالَ: إنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذلكَ، فَصُمْ وأَفْطِرْ، وقُمْ ونَمْ، وصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيامٍ، فإنَّ الحَسَنَةَ بعَشْرِ أَمْثالِها، وذلكَ مِثْلُ صِيامِ الدَّهْرِ. فَقُلتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِن ذلكَ يا رَسولَ اللَّهِ. قالَ: فَصُمْ يَوْمًا وأَفْطِرْ يَومَيْنِ. قالَ: قُلتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِن ذلكَ، قالَ: فَصُمْ يَوْمًا وأَفْطِرْ يَوْمًا، وذلكَ صِيامُ داوُدَ وهو أَعْدَلُ الصِّيامِ. قُلتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ منه يا رَسولَ اللَّهِ. قالَ: لا أَفْضَلَ مِن ذلكَ. (صحيح البخاري ٣٤١٨).

سؤال ضمام بن ثعلبة عن الإسلام

عن أنس بن مالك، يقول: بينما نحن جلوس مع النبي ﷺ في المسجد، دخل رجل على جمل، فأناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال لهم: أيّكم محمد؟ والنبي ﷺ متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ. فقال له الرجل: يا ابن عبد المطلب، فقال له النبي ﷺ: «قد أجبتك». فقال الرجل للنبي ﷺ: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة، فلا تجد عليَّ في نفسك؟ فقال: «سل عما بدا لك»، فقال: أسألك بربك ورب من قبلك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال: «اللهم نعم». قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: «اللهم نعم». قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: «اللهم نعم». قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي ﷺ: «اللهم نعم». فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر.
تجد: تغضب.
أنشدك: أسألك.

أفلح إن صدق

عن طلحة بن عبيد الله، يقول: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ من أهل نجد ثائر الرأس، يُسمَع دويّ صوته ولا يُفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله ﷺ: «خمس صلوات في اليوم والليلة». فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع». قال رسول الله ﷺ: «وصيام رمضان». قال: هل عليَّ غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوّع». قال: وذكر له رسول الله ﷺ الزكاة، قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوّع». قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسول الله ﷺ: «أفلح إن صدق».
ثائر الرأس: شعره متفرق.
دوي: شدة الصوت وبعده في الهواء.
يُفقه: يفهم.
دنا: قرب.
يسأل عن الإسلام: عن خصاله وأعماله.
تطوع: تأتي بشيء زائد عما وجب عليك من نفسك.
أفلح إن صدق: فاز بمقصوده من الخير إن وفى بما التزم.

تعريف الصيام

س- ما هو الصيام؟
ج- هو التعبُّد لله بالإمساك والامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، مع النية.
وهو نوعان: صيام واجب: مثل صيام شهر رمضان، وهو ركن من أركان الإسلام.
– وصيام غير واجب: مثل صوم الاثنين والخميس من كل شهر.

كراهة التقدم بالصوم على رمضان

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» (صحيح مسلم 1082).
قال ابن رجب: “”المعمول به عند كثير من العلماء أنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة، ولا سبق منه صيامٌ قبل ذلك في شعبان متصلاً بآخره””. (لطائف المعارف لابن رجب ص 273).
(لا تقدَّموا رمضان) أي: لا تتقدموه ولا تستقبلوه بصوم يوم أو يومين.

أحوال صيام آخر شهر شعبان

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “”لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ””. (صحيح البخاري 1914، ومسلم 1082).
قال ابن رجب: صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يصومه بنية الرمضانية، احتياطًا لرمضان، فهذا منهي عنه.
الثاني: أن يُصَام بنية النذر، أو قضاء عن رمضان (سابق) أو عن كفارة، ونحو ذلك، فجَوَّزه جمهور العلماء.
الثالث: أن يُصَام بنية التطوع المطلق، فكرهه من أَمَر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر، ورخَّص فيه بعضهم. (لطائف المعارف لابن رجب ص272).

حديث قيام ليلة النصف من شعبان وصوم نهارها

تخصيص صوم يوم ليلة النصف من شعبان من البدع، وأما ما رُوِيَ بلفظ “”إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها”” فحديث موضوع. (ضعيف الجامع للألباني حديث 652).
قال المباركفوري: “”لم أجد في صوم يوم ليلة النصف من شعبان حديثًا مرفوعًا صحيحًا””. (تحفة الأحوذي للمباركفوري 3/368).

حكم الصيام في النصف الثاني من شعبان

ِعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: “”إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا””. (صحيح أبي داود: 2449).
قال الإمام الترمذي: “”ومعني الحديث عند بعض أهل العلم، أن يكون الرجل مفطرًا فإذا بقي من شعبان شيء أخذ في الصوم لحال شهر رمضان””. (سنن الترمذي جـ3 صـ115)
وقال ابن رجب الحنبلي: “”النهي في هذا الحديث يكون في حقّ من لم يَصُم شيئًا في النصف الأول، أو من ليس له عادة من الصوم، وأراد أن يبدأ التطوع في النصف الثاني فقط””. (لطائف المعارف لابن رجب صـ260)

ما حكم تخصيص النصف من شعبان بالعبادة؟

قال ابن عثيمين -رحمه الله-:
“”إن صيام النصف من شعبان أو تخصيصه بقراءة أو بذكر، لا أصل له. فيوم النصف من شعبان كغيره من أيام النصف في الشهور الأخرى، ومن المعلوم أنه يُشرع أن يصومَ الإنسانُ في كل شهر الثلاثة البيض: الثالث عشر، والرابع عشر والخامس عشر، ولكن شعبان له مزية عن غيره في كثرة الصوم، فإن النبي ﷺ كان يكثر الصيام في شعبان أكثر من غيره، حتى كان يصومه كله أو إلَّا قليلاً منه، فينبغي للإنسان إذا لم يُشَقُّ عليه أن يُكثِر من الصيام من شعبان اقتداءً بالنبي ﷺ. (البدع والمحدثات لمحمود عبد الله المطر ص612).

هل تعرف سبب صوم النبي ﷺ شهر شعبان

عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: “”ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ””. (صحيح النسائي: 2221).