العبد بين نعمة يحتاج فيها إلى شكر، وذنب يحتاج فيه إلى الاستغفار

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
“العَبْدُ دائِمًا بَيْنَ نِعْمَةٍ مِن اللَّهِ يَحْتاجُ فِيها إلى شُكْرٍ، وذَنْبٍ مِنهُ يَحْتاجُ فِيهِ إلى الِاسْتِغْفارِ، وكُلٌّ مِن هَذَيْنِ مِن الأُمُورِ اللّازِمَةِ لِلْعَبْدِ دائِمًا؛ فَإنَّهُ لا يَزالُ يَتَقَلَّبُ فِي نِعَمِ اللَّهِ وآلائِهِ، ولا يَزالُ مُحْتاجًا إلى التَّوْبَةِ والِاسْتِغْفارِ. ولِهَذا كانَ سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ وإمامُ المُتَّقِينَ مُحَمَّدٌ ﷺ يَسْتَغْفِرُ فِي جَمِيعِ الأحْوالِ”

مَنِ استغفَرَ للمؤمنينَ وللمؤمناتِ، كتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ مؤمِنٍ ومؤمنةٍ حسنةً

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10].
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “مَنِ استغفَرَ للمؤمنينَ وللمؤمناتِ، كتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ مؤمِنٍ ومؤمنةٍ حسنةً”

مع جوامع دعاء النبي ﷺ

عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللَّهِ ﷺ يقولُ في صلاتِهِ: “اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ، وأسألُكَ شُكرَ نعمتِكَ وحُسنَ عبادتِكَ، وأسألُكَ قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا، وأسألُكَ من خيرِ ما تَعلمُ وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما تعلَمُ وأستغفرُكَ لما تعلَم” (أخرجه الترمذي (٣٤٠٧)، والنسائي (١٣٠٤)، وقال الألباني في تخريج مشكاة المصابيح ٩١٥: صحيح لغيره).

ثناء النبي ﷺ على ربه بعد غزوة أُحد

عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: لما كان يومُ أُحُدٍ، وانكفأ المشركون، قال رسولُ اللهِ ﷺ: استَوُوا حتى أُثنِيَ على ربي عزّ وجلَّ؛ اللهم لك الحمدُ كلُّه، اللهم لا قابضَ لما بسطتَ، ولا مُقَرِّبَ لما باعدتَ، ولا مُباعِدَ لما قرَّبتَ، ولا مُعطِيَ لما منعْتَ، ولا مانعَ لما أَعطيتَ، اللهم ابسُطْ علينا من بركاتِك ورحمتِك وفضلِك ورزقِك، اللهم إني أسألُك النَّعيمَ المقيمَ الذي لا يحُولُ ولا يزولُ، اللهم إني أسألُك النَّعيمَ يومَ العَيْلَةِ، والأمنَ يومَ الحربِ، اللهم عائذًا بك من سوءِ ما أُعطِينا، وشرِّ ما منَعْت منا، اللهم حبِّبْ إلينا الإيمانَ وزَيِّنْه في قلوبِنا، وكَرِّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلْنا من الراشدين، اللهم توفَّنا مسلمِين، وأحْيِنا مسلمِين وألحِقْنا بالصالحين، غيرَ خزايا، ولا مفتونين، اللهم قاتِلِ الكفرةَ الذين يصدُّون عن سبيلِك، ويُكذِّبون رُسُلَك، واجعلْ عليهم رِجزَك وعذابَك قاتِلِ الكفرةَ الذين أُوتوا الكتابَ، إلهَ الحقِّ”

من صور رحمة النبي ﷺ بأمته

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “اللَّهُمَّ إنَّما أنا بَشَرٌ، فأيُّما رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ، أوْ لَعَنْتُهُ، أوْ جَلَدْتُهُ، فاجْعَلْها له زَكاةً ورَحْمَةً” .

من موانع إجابة الدعاء

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “لا يَزالُ يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ قيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ما الاسْتِعْجالُ؟ قالَ: يقولُ: قدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذلكَ وَيَدَعُ الدُّعاءَ” (صحيح مسلم ٢٧٣٥).

مِن أسبابِ إجابةِ الدُّعاءِ: المُداومةَ على الدُّعاءِ والإلحاحَ فيه

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي” (صحيح البخاري ٦٣٤٠).
يُرشِدُنا النبيُّ ﷺ في هذا الحديثِ إلى أَدبٍ مِن آدابِ الدُّعاءِ: وهو أنْ يُلازِمَ العبدُ الطَّلَبَ في دُعائِه ولا يَيْأسَ مِن الإجابةِ؛ لِما في ذلك مِن الانقِيادِ والاستِسلامِ وإظهارِ الافتِقارِ.
وإذا قال: دَعَوْتُ فلم يُسْتَجَبْ لي؛ يكون كالمانِّ بدُعائِه على الله تعالى، أو أنَّه يَرى أنَّه أتى مِن الدُّعاءِ ما يَستحِقُّ به الإجابةَ على الله، وهذا سُوءُ أَدَبٍ مع الله تعالى.

الشكر بعد إتمام صيام شهر رمضان

قال الله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة:185].
“يشكر الله تعالى عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده، وبالتكبير عند انقضائه، ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد” (السعدي رحمه الله).

دعاء جامع لكل خير

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ:
“اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ،
وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآَجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ،
اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ ﷺ،
وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ﷺ،
اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ،
وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ،
وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ تَقْضِيهِ لِي خَيْرًا”.

من فوائد الاستغفار

قال ابن تيمية رحمه الله: “إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تُشكل عليَّ، فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل؛ حتى ينشرح الصدر، وينحل إشكال ما أشكل”

أجاب دعاء إبليس!!

قال ابن حجر رحمه الله:
“لا يمنعنّك سوء ظنك بنفسك، وكثرة ذنوبك أن تدعو ربك؛ فإنه أجاب دعاء إبليس حين قال: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}[الحجر:36-37].