عليك بالصدق وإياك والكذب والخيانة والرياء والعُجب

من وصية سفيان الثوري لعلي بن الحسن السلمي: عليك بالصدق في المواطن كلها، وإياك والكذب والخيانة ومجالسة أصحابها، فإنها وِزْر كلها، وإياك والرياء في القول والعمل؛ فإنه شرك بعينه، وإياك والعُجب فإن العمل الصالح لا يُرْفَع فيه عُجْبٌ.

من الآفات التي تعرض للمسلم عند الإنفاق في سبيل الله

قال تعالى: (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ) البقرة: 265.
وذلك أن النفقة يعرض لها آفتان؛ إما أن يقصد الإنسان بها محمدة الناس ومدحهم وهو الرياء، أو يُخرجها على خور وضعف عزيمة وتردُّد، فهؤلاء سلموا من هاتين الآفتين فأنفقوا ابتغاء مرضات الله لا لغير ذلك من المقاصد، وتثبيتًا من أنفسهم.

تحريم الرياء والمنّ والأذى على الإنفاق

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) البقرة: 264.
فيه تعريض بأن كلاً من الرياء والمنّ والأذى على الإنفاق من صفات الكفار، ولا بد للمؤمنين أن يجتنبوها.
تفسير الألوسي: ٣/٣٥.

ويُستدل بهذا على أن الأعمال السيئة تُبطل الأعمال الصالحة.. فكما أن الحسنات يُذهبن السيئات؛ فالسيئات تُبطل ما قابلها من الحسنات.
تفسير السعدي: ص113.

الخوف من الرياء لا ينبغي أن يمنع العبد من العمل الصالح

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
«ومَن كان له وِرْدٌ مشروعٌ من صلاة الضحى، أو قيام ليلٍ، أو غير ذلك، فإنَّه يُصلّيه حيث كان، ولا ينبغي له أن يَدَع وِرْدَهُ المشروع لأجل كونه بين الناس؛ إذا علم الله من قلبه أنه يفعل سرًّا لله مع اجتهاده في سلامته من الرياء، ومفسدات الإخلاص»

سبب وقوع بعض العباد في الرياء

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
«أول مَن تُسعَّر به النار من الموحدين: العباد المراؤون بأعمالهم، وأولهم العَالِم، والمُجاهِد، والمُتصدِّق للرياء؛ لأن يسير الرياء شرك، ما نظر المرائي إلى الخلق بعمله إلا لجهله بعظمة الخالق».

‏إخلاص التواضع لله تعالى تقربًا إليه، وطلبًا لثوابه

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
«وما تَواضَعَ أحَدٌ لِلَّهِ» تنبيه على حسن القصد والإخلاص لله في تواضعه؛ لأن كثيرًا من الناس قد يُظهر التواضع للأغنياء ليصيب من دنياهم، أو للرؤساء لينال بسببهم مطلوبه، وقد يُظهر التواضع رياء وسمعة، وكل هذه أغراض فاسدة، لا ينفع العبد إلا التواضع لله تقربًا إليه، وطلبًا لثوابه وإحسانه إلى الخلق، فكمال الإحسان، وروحه الإخلاص لله»

خوف مذمة الناس وحب مدحهم سبب للهلاك

قال ابن قدامة المقدسي -رحمه الله-:
“واعلم أن أكثر الناس إنما هلكوا لخوف مذمَّة الناس، وحُبّ مدحهم، فصارت حركاتهم كلها على ما يوافق رضا الناس، رجاء المدح، وخوفًا من الذم، وذلك من المهلكات.
ولم يزل المخلصون خائفين من الرياء الخفيّ، يجتهدون في مخادعة الناس عن أعمالهم الصالحة. ويحرصون على إخفائها أعظم ما يحرص الناس على إخفاء فواحشهم، كلّ ذلك رجاء أن يخلص عملهم؛ ليجزيهم الله- تعالى- في القيامة بإخلاصهم.

طلب الحلال والنفقة على الأهل والأبناء باب عظيم من أعمال البر

عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ فَرَأى أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ؛ فَقَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: «إِنْ كَانَ خَرَجَ يِسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوُيْنِ شَيْخَينِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانِ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يَعفَّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رَيِاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ»(أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 282، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1428).

حقيقة الشرك الأصغر وحكمه

الشرك الأصغر لا يَخْرُج به العبدُ من الإسلام، ويستحق به الوعيد والعذاب دون الخلود في النار، وهو مُحبِط للعمل الذي اقترن به، وصاحبه تحت المشيئة؛ إن شاء الله عذَّبه، وإن شاء عفا عنه.
والشرك الأصغر هو ما جاء في النصوص الشرعية أنه شرك، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر؛ ولكنه يعتبر من الوسائل الموصلة إلى الشرك الأكبر.
ومن ذلك:
1- الحلف بغير الله تعالى.
2- يسير الرياء في العبادة.
3- قول الرجل: “”ما شاء الله وشئت”” أو: “”هذا من الله ومنك”” أو: “”أنا بالله وبك””، أو: “”توكلت على الله وعليك””، أو: “”لولا أنت لم يكن كذا وكذا””، وغير ذلك من الألفاظ.

معالم النفاق ومظاهره

“”زرعُ النفاق ينبتُ على ساقيتين؛ ساقية الكذب، وساقية الرياء. ومخرجهما من عينين؛ عين ضعف البصيرة، وعين ضعف العزيمة. فإذا تمت هذه الأركان الأربعة استحكم النفاق وبنيانه”” (ابن القيم – تهذيب المدارج).

حديث مرعب

قال رسول الله ﷺ: “”مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ اكْتَسَى بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ ثَوْبًا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ مَقَامَ سُمْعَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُومُ بِهِ مَقَامَ سُمْعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”” (مسند أحمد 17550، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1558).

العمل من أجل الناس لا ثواب له في الآخرة

قال بعض الحكماء: مثل من يعمل رياءً وسمعةً كمثل من ملأ كيسه حصى ثم دخل السوق؛ ليشتري به فإذا فتحه بين يدي البائع افتضح وضرب به وجهه، فلم يحصل له به منفعة سوى قول الناس ما أملأَ كيسه، ولا يعطى به شيئًا.