ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: يا رسولَ اللَّهِ دلَّني على عَملٍ إذا أَنا عَمِلْتُهُ أحبَّني اللَّهُ وأحبَّني النَّاسُ.
فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: ” ازْهَدْ في الدنيا يُحبَّكَ اللهُ، وازهدْ فِيما في أيدِي الناسِ يُحبَّكَ الناسُ” (صحيح ابن ماجه ٣٣٢٦).
قال الشيخ الفوزان:
“الزهد هو الترك؛ يعني اترك الدنيا، وليس المراد أن تترك ما تحتاج إليه وما تستغني به من طلب الرزق، والكسب الحلال هذا منهي عنه، لكن اترك ما لا حاجة لك به. فالمسلم يجمل في طلبه، ولا يحرص حرصًا شديدًا على الدنيا وعنده ما يُغنيه” (المنحة الربانية ص٢٤٤).

السلف والخوف من شبهة الاحتكار

عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ بِوَاسِطَ، فَجَهَّزَ سَفِينَةَ حِنْطَةٍ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَكَتَبَ إِلَى وَكِيلِهِ: بِعِ الطَّعَامَ يَوْمَ تَدْخُلِ الْبَصْرَةَ، وَلَا تُؤَخِّرْهُ إِلَى غَدٍ.
فَوَافَقَ سَعَةً فِي السِّعْرِ، فَقَالَ التُّجَّارُ لِلْوَكِيلِ: إِنْ أَخَّرْتَهُ جُمْعَةً رَبِحْتَ فِيهِ أَضْعَافَهُ.
فَأَخَّرَهُ جُمْعَةً فَرَبِحَ فِيهِ أَمْثَالَهُ، فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ بِذَلِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الطَّعَامِ: يَا هَذَا! إِنَّا كُنَّا قَنَعْنَا بِرِبْحٍ يَسِيرٍ مَعَ سَلَامَةِ دِينِنَا، وَقَدْ جَنَيْتَ عَلَيْنَا جِنَايَةً، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَخُذِ الْمَالَ وَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْبَصْرَةِ، وَلَيْتَنِي أَنْجُو مِنَ الِاحْتِكَارِ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَ.
(الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي ١٩/‏٥٦).
رحمهم الله كما كانوا يرحمون الناس.

إجابات الفضيل بن عياض رحمه الله عن بعض الأسئلة

قِيلَ لِلْفُضَيْلِ بن عياض رحمه الله: ما الزُّهْدُ فِي الدُّنْيا؟ قالَ: «القِنْعُ وهُوَ الغِنى».
وقِيلَ: ما الوَرَعُ؟ قالَ: «اجْتِنابُ المَحارِمِ».
وسُئِلَ ما العِبادَةُ؟ قالَ: أداءُ الفَرائِضِ.
وسُئِلَ عَنِ التَّواضُعِ، قالَ: أنْ تَخْضَعَ، لِلْحَقِّ.
وقالَ: أشَدُّ الوَرَعِ فِي اللِّسانِ.
وقالَ: جَعَلَ الخَيْرَ كُلَّهُ فِي بَيْتٍ، وجَعَلَ مفْتاحَهُ الزُّهْد فِي الدُّنْيا.
وقالَ: قالَ اللهُ عز وجل: إذا عَصانِي مَن يَعْرِفُنِي سَلَّطْتُ عَلَيْهِ مَن لا يَعْرِفُنِي”

شَاوِر في أمر دينك الذين يخشون الله

من وصية سفيان الثوري لعلي بن الحسن السلمي:
جَالِسْ أهل الورع وأهل التقى؛ يصلح الله أمر دينك.
وشَاوِرْ في أمر دينك الذين يخشون الله.
وسَارِع في الخيرات يَحُلِ اللهُ بينك وبين معصيتك.

عليك بالزهد يُبصّرك الله عورات الدنيا

من وصية سفيان الثوري لعلي بن الحسن السلمي: عليك بالزهد يُبصّرك الله عورات الدنيا، وعليك بالورع يُخفّف الله حسابك.
دَعْ كثيرًا مما يريبك إلى ما لا يريبك تكن سليمًا.
ادفع الشك باليقين يسلم لك دينك.
وأْمُرْ بالمعروف وانْهَ عن المنكر؛ تكن حبيب الله.

الورع يُرَشِّد الغيرة بين النساء ويعصم من الزلل

عن عائشة رضي الله عنها في سياق قصة الإفك: “أنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَألَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ عائشة، فَقالَت: “أحْمِي سَمْعِي، وبَصَرِي، ما عَلِمْتُ إلاَّ خَيْرًا”، قالَت عائشة: وهِيَ الَّتِي كانَت تُسامِينِي مِن أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ، فَعَصَمَها اللهُ بِالوَرَعِ”

معنى الورع في فعل الأشياء وتركها

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “الورع ترك ما يضر، ومن ذلك ترك الأشياء المشتبه في حكمها، والمشتبه في حقيقتها، فالأول اشتباه في الحكم هل هو حرام أو حلال؟ والثاني اشتباه في الحال، فالإنسان الوَرِع هو الذي إذا اشتبه الأمر عليه تركه إن كان اشتباهًا في تحريمه، وفعَله إن كان اشتباهًا في وجوبه؛ لئلا يأثم بالترك”

من صفات الراسخين في العلم

‏{ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } [آل عمران: 7]
قال الإمام البغوي: “”قيل الراسخ في العلم من وجد في علمه أربعة أشياء:
١- التقوى بينه وبين الله.
٢ – والتواضع بينه وبين الخلق.
٣- والزهد بينه وبين الدنيا.
٤ – والمجاهدة بينه وبين نفسه. (تفسير البغوي 1/325).

صورة من ورع الإمام مالك

قال القعنبي رحمه الله:
دخلت على الإمام مالك فوجدته باكيًا؛ فسألته عن ذلك، فقال: “”ومن أحق بالبكاء مني؟! لا أتكلم بكلمة إلا كُتِبَتْ بالأقلام وحُمِلَتْ إلى الآفاق، وما تكلمت برأيٍ إلا في ثلاث مسائل”” (ترتيب المدارك ١/ ١٩٣).