من صفات الراسخين في العلم

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]‏{ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } [آل عمران: 7] قال الإمام البغوي: “”قيل الراسخ في العلم من وجد في علمه أربعة أشياء: ١- التقوى بينه وبين الله. ٢ – والتواضع بينه وبين الخلق. ٣- والزهد بينه وبين الدنيا. ٤ – والمجاهدة بينه وبين نفسه. (تفسير البغوي 1/325).[/box]

الشرح و الإيضاح

(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)

(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ)
أي: هو الَّذي أنزَل عليك- يا محمَّدُ- القُرْآنَ.

(مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ)
أي: مِن القُرْآن آياتٌ بيِّناتٌ واضحاتُ الدَّلالة، لا التباسَ فيها على أحدٍ من النَّاسِ، ولا شُبهةَ، ولا إشكالَ .

(هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ)
أي: وهذه الآياتُ المُحكَماتُ هي أصل هذا الكتابِ، ومُعظَمُه الَّذي يُرجَعُ إليه عند الاشتباهِ.

(وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)
أي: ومِن القُرْآنِ آياتٌ أُخَرُ يَلتبسُ معناها، أو تشتبهُ دَلالتُها على كثيرٍ من النَّاسِ أو بعضهم.

(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ)
أي: فأمَّا الَّذين في قلوبِهم مَيْلٌ عن الحقِّ، وانحرافٌ عنه وضلال، فيَتعلَّقون بالمتشابِهِ من آياتِ القُرْآن، ويأخذون به ويتركون المُحكَمَ.

(ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ)
أي: طلَبًا للشُّبهاتِ واللَّبْسِ على المؤمنين، وإضلالِهم؛ إيهامًا بأنَّهم يحتجُّونَ بالقُرْآن.

(وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)
أي: وطلَبًا لتفسيرِه على ما يُريدون؛ تحريفًا له وَفْقَ أهوائِهم الفاسدةِ لاحتمالِ لفظِه لِما يصرِفونه إليه.

(وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ)
أي: وما يعلَمُ عواقِبَ الأمورِ وما تؤولُ إليها، ولا حقائقَها، إلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ وحده؛ وذلك كحقائقِ صفاتِ الله وكيفيَّتِها، وحقائق أوصاف ما يكونُ في اليومِ الآخِرِ، ونحو ذلك.
أمَّا الرَّاسخون في العِلم، المتمكِّنون منه، المُتقِنون له، فيقولون: آمَنَّا وصدَّقْنا بالمتشابهِ من آيِ الكِتابِ، وأنَّه حقٌّ وإن لم نعلَمْ تأويلَه، هذا على قراءة الوقفِ على اسمِ الله.
أمَّا على قِراءة الوصلِ فيكون المعنى: وما يَعلَمُ تفسيرَ المتشابهِ، وبيانَه، ورَدَّه إلى المُحكَم، ودَفْعَ شُبَهِه، إلَّا اللهُ والرَّاسخون في العِلم، المتمكِّنون منه، المُتقِنون له أيضًا، يعلَمون ذلك، ويقولون: آمَنَّا وصدَّقْنا بالمتشابهِ من آيِ الكتابِ.

(كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)
أي: كلٌّ مِن المحكَمِ من الكتاب والمتشابهِ منه، الجميعُ مِن عند ربِّنا، أوحاه إلى نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يُصدِّقُ كلٌّ منهما الآخَرَ، ويشهَدُ له.

(وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)
أي: وما يَتذكَّرُ ويتَّعِظُ ويفهَمُ ويَقبَلُ النُّصحَ إلَّا أصحابُ العقول السَّليمة.

مصدر الشرح:
https://dorar.net/tafseer/3/2