واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]‏قال تعالى: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [الأنفال: 24] “” إن ذلك خبرٌ من الله عز وجل أنه أملك لقلوب عباده منهم، وأنه يحول بينهم وبينها إذا شاء، حتى لا يقدر ذو قلب أن يُدرك به شيئًا من إيمان أو كفر، أو أن يَعِي به شيئًا، أو أن يفهم، إلا بإذنه ومشيئته”” (الإمام الطبري رحمه الله).[/box]

الشرح والإيضاح

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ).
أي: يا أيُّها المؤْمِنونَ أجيبُوا اللهَ ورَسولَه بِطاعَتِهما، والمُبادرةِ إلى الانقيادِ لِأمْرِهما، واجتنابِ نَهْيِهما.

(إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ).
أي: إذا دعاكم الرَّسولُ إلى ما فيه صلاحٌ لكم، وحياةٌ طيبةٌ نافعةٌ لأبدانِكم وأرواحِكم؛ في الدُّنيا والآخرةِ، كالدَّعوةِ إلى الجِهادِ، والدَّعوةِ إلى تدبُّرِ القُرآنِ والعَمَلِ به، وغَيرِ ذلك مِن كُلِّ ما دعا اللهُ ورَسولُه إليه ظاهِرًا وباطِنًا.

(وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)
أي: واعلَموا- أيُّها المؤْمنونَ- أنَّ اللهَ تعالى يحجُزُ بين العَبدِ وقَلبِه إذا شاء، فلا يستطيعُ المَرءُ أن يُدرِكَ ويعِيَ به شيئًا مِن حقٍّ أو باطلٍ، إلَّا بإذنِ اللهِ تعالى، فقُلوبُكم بِيَدِ خالِقِكم سُبحانه، يُصَرِّفُها ويُقَلِّبُها كيف يشاءُ؛ يُصَرِّفُها مِن الهُدى إلى الضَّلالةِ، ومِن الضَّلالةِ إلى الهُدى، فإيَّاكم أن تردُّوا أمْرَ اللهِ حين يأتِيكم، أو تتثاقَلُوا وتتباطَؤُوا عن الاستجابةِ له، فلا تأمَنُوا حينَها أن يُحالَ بينَكم وبينَ قُلوبِكم، فلا تَقْدِروا على الاستجابةِ بعد ذلك إذا أردْتُموها.

(وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
أي: واعلَمُوا- أيُّها المؤمنونَ- أيضًا مع العِلمِ بأنَّ اللهَ يَحولُ بينَ المرءِ وقَلْبِه، أنَّ إلى اللهِ تعالى مَصيرَكم ومَرجِعَكم يومَ القيامةِ، فتُجمَعون إليه وَحْدَه، فيُوفِّيكم جزاءَ أعمالِكم؛ إنْ خَيرًا فخيرٌ، وإنْ شَرًّا فشَرٌّ، فاحذروا مِن تَرْكِ الاستجابةِ لِرَسولِه إذا دعاكم لِما يُحيِيكم.

مصدر الشرح:
https://dorar.net/tafseer/8/8