هل أمن الناس عذاب الله وانتقامه؟

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قال الله تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } [سورة الأعراف: 96-99].[/box]

الشرح والإيضاح

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
أي: ولو حَصَلَ أنَّ أهلَ القُرى المُهلَكاتِ صَدَّقوا بما جاءَتْهم به الرُّسلُ مِنَ الوحيِ والدَّلالاتِ، واتَّقَوُا اللهَ بفِعْلِ الطَّاعاتِ، وتَرْكِ المُحرَّماتِ، لَفَتَحَ اللهُ عليهم مِنَ السَّماءِ والأرضِ البركاتِ؛ فأنزَلَ عليهم الأمطارَ، وأَنْبَتَ لهم الأرضُ أنواعَ الثِّمارِ والنَّباتاتِ .
كما قال تعالى: وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا [الجن: 16].
وقال سُبحانَه حاكيًا قَوْلَ نُوحٍ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لقومِهِ: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح: 10- 12].
وقال عزَّ وجلَّ: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [المائدة: 66].
وقال تَبارَكَ وتعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2-3].
وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
أي: ولكنَّهم لم يُؤمِنوا ويتَّقوا، بل كذَّبوا رُسُلَهم وما جاؤوهم به مِنَ البراهينِ القاطِعاتِ؛ فعاقَبَهم اللهُ تعالى بأنواعِ العقوباتِ، ونَزْعِ البركاتِ؛ بسَبَبِ كُفْرِهم، واقترافِهم السَّيِّئاتِ .
كما قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ [الروم: 41].
وقال سُبحانَه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].
أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97)
أي: أَبَعْدَ ذلك يَظُنُّ أهلُ القُرى الكافرةِ أنَّهم آمِنونَ مِن حُلولِ عذابِنا الشَّديدِ عليهم ليلًا وهم نِيامٌ ؟!
أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)
أي: أَوَيَظُنُّ أهلُ القُرى الكافرةِ أنَّهم في مَأْمَنٍ من أنْ يأتيَهم عذابُنا عليهم في أوَّلِ النَّهارِ وهم في لَهْوِهم وغَفْلتِهم ؟!
أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)
أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ
أي: فهل أَمِنَ أهلُ القُرى الكافرةِ أنْ يَستدرِجَهم اللهُ بنِعَمِه، كما استدرَجَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهم، ثمَّ يأخُذَهم بعذابِهِ بَغْتَةً في حالِ سَهْوِهم وغَفْلتِهم ؟!
كما قال سُبحانَه: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال: 30].
فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
أي: فَلا يأمَنُ أحدٌ مكْرَ اللهِ تعالى له باستِدراجِه بنِعَمِه، مع إقامتِه على الكُفْرِ، وإصرارِهِ على المعاصي، إلَّا القومُ الهالكونَ، الَّذينَ أضاعوا عقولَهم، وأَعْرَضوا عَنِ التَّفكُّرِ بها، ففَقَدوا ما ينفَعُهم، وجَلَبوا إلى أنفسِهم ما يَضُرُّها .
كما قال تعالى: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف: 182-183].
وقال سُبحانَه: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [آل عمران: 178].
مصدر الشرح:
https://dorar.net/tafseer/7/21