موعظة أم حكيمة لولدها

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]يقول أحدهم: وعظتني والدتي ألا أكون ممن يتصفحون جوالاتهم قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم بدلاً من صفة المتقين؛ في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [سورة آل عمران:191].[/box]

الشرح والإيضاح

الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ
أي: إنَّ أُولي الألبابِ هم الذين يُديمون ذِكرَ اللهِ تعالى بقلوبِهم وألْسنتِهم، وفي جميعِ أحوالِهم، في حالِ وُقوفِهم، وحالِ جُلوسِهم، وحالِ اضطجاعِهم .
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ
مُناسَبتُها لِمَا قَبلَها:
لَمَّا وصَفَهم بالذِّكر، وثبَت أنَّ الذِّكرَ لا يَكمُلُ إلَّا مع الفِكر، لا جرمَ قال بَعْدَه:
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ
أي: إنَّ مِن صِفاتِهم أيضًا أنهم يُعمِلون عُقولَهم في خَلْقِ اللهِ تعالى للسَّمواتِ والأرض؛ ليَستدلُّوا بذلك على المقصودِ منها، ويَفهموا ما فيها من الحِكمِ الدالَّةِ على صِفاتِ الخالقِ جلَّ وعلا .
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ
أي: إنَّهم حين يَتفكَّرون في خَلْقِ السَّمواتِ والأرض، يقولون: إنَّك يا ربَّنا، لم تَخلقْ هذا الخَلْقَ عبثًا ولا لهوًا؛ فأنتَ مُنزَّهٌ عن ذلك، ولكنَّك خلقتَه لحِكمةٍ ولأمرٍ عظيمٍ، من تكليفٍ وبعْثٍ، وحسابٍ وجزاءٍ، فتُجزي كلَّ أحدٍ بما عمِله من خيرٍ أو شرٍّ .
كما قال سبحانه: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [ص: 27].
وقال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر: 85].
فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
أي: يا مَن خلقتَ الخَلْقَ بالحقِّ والعدل، وأنتَ منزَّهٌ عن النقائصِ والعيوب، أَجِرْنا من عذابِ النار، بأنْ تُوفِّقَنا للأعمالِ الصالحات، وتُجنِّبَنا بفضلِك الذُّنوبَ والسيِّئات
مصدر الشرح:
https://dorar.net/tafseer/3/55