رحمة الله وإحسانه وحلمه يمنعه من معاجلته للعاصين

قال تعالى: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) البقرة: 263.
(قول معروف﴾ أي: تعرفه القلوب ولا تنكره، ﴿ومغفرة﴾ لمن أساء إليك بترك مؤاخذته والعفو عنه.. ﴿والله غني﴾ عنها، ومع هذا فهو ﴿حليم﴾ على من عصاه لا يعاجله بعقوبة مع قدرته عليه، ولكن رحمته وإحسانه وحلمه يمنعه من معاجلته للعاصين، بل يُمهلهم ويصرّف لهم الآيات لعلهم يرجعون إليه وينيبون إليه، فإذا علم تعالى أنه لا خير فيهم ولا تغني عنهم الآيات ولا تفيد بهم المثلات أنزل بهم عقابه وحرمهم جزيل ثوابه.

تفسير السعدي: ص١١٣.

الشرح والإيضاح

(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى). أي: إنَّ تقديم الإحسان للسَّائلِ حاجةً، عَبْر إسدائه قولًا معروفًا تَعرِفه القلوبُ ولا تُنكِره، بردِّه بالقول الجميل والدُّعاء الطَّيِّب له، وغير ذلك ممَّا يُدخِل السُّرورَ على قلبه، أو تقديم الإحسانِ إليه بسَتْر سوء حالته، أو بمسامحته وتَجاوُزِه عمَّا لا ينبغي أنْ يَصدُر من السائل من قول أو فِعْل، كما لو وجَد منه بعضَ الجَفوةِ أو الغِلْظة بسبب ردِّه، وعدم تلبية حاجته، فالقول المعروف والمغفرة أفضلُ مُطلَقًا من تقديم يدِ العون للمحتاج، بمساعدةٍ مصحوبة بأذِيَّته والإساءة إليه. (وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ). أي: إنَّ الله تعالى غنيٌّ عن خَلْقه، وعمَّا يتصدَّقون به؛ فلن يَنالَه شيءٌ من صدقاتِهم، وإنما نفْعُها عائدٌ عليهم؛ فكيف يمنُّ أحدٌ بصدقته، ويؤذِي بها عبادَ الله تعالى، مع غِنى الله تعالى عنها؟ وهو مع هذا حليمٌ سبحانه، لا يُعاجِلُ هذا المانَّ بالعقوبة مع قُدْرته على ذلك، بل يعفو عنه ويَصفَح، أو يُمهِله ليتوب إليه. المصدر: https://dorar.net/tafseer/2/45

تحميل التصميم