مثل للميت الذي أحياه الله بالهداية

قال تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام: ١٢٢.
قال ابن كثير رحمه الله: «هذا مَثَل ضرَبه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتًا؛ أي في الضلالة هالكًا حائرًا، فأحياه الله، أي: أحيا قلبه بالإيمان، وهداه ووفَّقه لاتّباع رسله، وجعل له نورًا يمشي به في الناس، أي: يهتدي كيف يسلك، وكيف يتصرف به، والنور هو القرآن، وقيل الإسلام، وكلاهما صحيح».

تفسير ابن كثير: ٦/ ١٥٩.

الشرح و الإيضاح

(أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ).
أي: هل مَن كان كافرًا هالكًا، حائرًا في الضَّلالةِ، فهَدَيناه للإسلامِ، وأحْيَيْنا قَلْبَه بالإيمانِ، واتِّباعِ القرآنِ، فصار يرى الحَقَّ والباطِلَ، والنَّفْعَ والضُّرَّ، وصار يمشي بين النَّاسِ في النُّورِ، متبِّصرًا في أمورِه، مهتديًا لسَبيلِه.
(كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا).
أي: أفَيَسْتوي مَن أحْيَيْناه بنورِ الإيمانِ والقرآنِ بمن هو في ظُلُماتِ الكُفرِ؛ مترددًا لا يعرِفُ المَخْرَج منها، قد التبَسَتْ عليه الطُّرُق، وأظلَمَت عليه المسالِكُ، فحَضَره الهَمُّ والغمُّ والحَزَن والشَّقاء، فلا يدري كيف يتوجَّه؟ وأيَّ طريقٍ يأخُذُ؛ لشدَّةِ ظُلمةِ اللَّيلِ، وإضلالِه الطَّريقَ.
(كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).
أي: كما حُسِّن لهؤلاءِ الكفَّارِ- الَّذين يجادلونَكم أيُّها المؤمنونَ في أكلِ ما حرَّمتُ عليكم- كما حُسِّن لهم سوءُ أعمالِهم، كذلك حُسِّن لِغَيْرهم ممَّن كان على مِثْلِ ما هم عليه مِن الكُفر باللهِ وآياتِه، ما كانوا يعتقدونَ، ويَعْمَلون من ضَلالاتٍ، وذلك حكمةٌ من الله بالغةٌ.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/6/32

تحميل التصميم