الله سبحانه هو الواحد الأحد، ليس له صاحبة ولا ولد، وليس كمثله شيء، وله كل صفات الكمال والجلال والعظمة.
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سورة الإخلاص: 1- 4].
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].
{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} [المؤمنون: 91].
{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 101- 103].
الشرح والإيضاح
﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص ١]
أي ﴿قُلْ﴾ قولًا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، ﴿هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
﴿ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ﴾ [الإخلاص ٢]
﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي [كمل في رحمته الذي] وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه،
﴿لَمۡ یَلِدۡ وَلَمۡ یُولَدۡ﴾ [الإخلاص ٣]
ومن كماله أنه ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ لكمال غناه
﴿وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ﴾ [الإخلاص ٤]
﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.
المصدر:
https://tafsir.app/saadi/112/4
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ أي: ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته، لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، لأن أسماءه كلها حسنى، وصفاته صفة كمال وعظمة، وأفعاله تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك، فليس كمثله شيء، لانفراده وتوحده بالكمال من كل وجه.
المصدر:
https://tafsir.app/saadi/42/11
(مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ).
أي: ما اتَّخَذ اللهُ لنَفْسِه -تعالى- ولدًا كما يَزْعُمُ النَّصارى ومُشرِكو العَرَبِ وغَيرُهم .
(وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ).
أي: ولم يكُنْ مع اللهِ شَريكٌ يَستَحِقُّ أنْ يُعبَدَ معه.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/23/13
(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ).
أي: إنَّ اللهَ تعالى- الذي جَعَلَ المُشركونَ الجِنَّ شُرَكاءَ له، وخَرَقوا له بنينَ وبناتٍ بغَيْرِ عِلمٍ- هو خالِقُ السَّمواتِ والأرضِ، ومُحْدِثُهما على غيرِ مثالٍ سَبَقَ.
(أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ).
أي: كيفَ يكونُ له ولَدٌ، ولا زوجةَ له؟! فالولَدُ إنَّما يكون متولِّدًا عن شيئينِ متناسِبَينِ، واللهُ لا يناسِبُه ولا يشابِهُه مِن خَلْقِه شيءٌ؛ وهو سبحانه لا يحتاجُ إلى زوجةٍ، فهو الغنيُّ عن جميعِ مخلوقاتِه، وكلُّها فقيرةٌ إليه، وجميعُ الكائناتِ خَلْقُه وعَبيدُه، ولا يُمكِنُ أن يكون شيءٌ مِن خَلْقِه ولدًا أو زوجةً له بحالٍ.
(وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
أي: وهو سبحانه لا يَخفَى عليه شيءٌ مِمَّا خَلَق، ويعلَمُ أيضًا المعدومَ، فهو عالِمٌ بالموجوداتِ والمعدوماتِ، والجائزاتِ والمُسْتحيلاتِ، فمِنْ إحاطَةِ عِلْمِه عزَّ وجلَّ أنَّه يعلَمُ المعدومَ الذي سبق في عِلْمِه أنَّه لا يُوجَد، يعلَمُ أنْ لو كان كيف يكون؟ فمن أحاط عِلْمُه بكلِّ شيءٍ فكيف يكون جِنْسًا له- كالولَدِ- من لا يعلَمُ شيئًا إلا ما عَلَّمَه اللهُ؟ وهو عالِمٌ أيضًا بأعمالِ أولئك الذين يزعُمونَ أنَّ لله شريكًا أو ولدًا، وهو مُحْصيها عليهم فيجازِيهم بها.
(ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ).
أي: ذلك- الذي لا وَلَدَ له ولا صاحِبَةَ، وخَلَقَ كُلَّ شيءٍ وهو بكلِّ شيءٍ عليمٌ- هو المألوهُ المعبودُ الذي يستحِقُّ نهايةَ الذُّلِّ ونهايةَ الحُبِّ، الرَّبُّ الذي ربَّى جميعَ خَلْقِه بنِعَمِه، فلا ينبغي أن تكون عبادَتُكم وعبادَةُ جميعِ الخَلْقِ إلَّا خالصةً له وحْدَه؛ فحَقٌّ على المصنوعِ أن يُفْرِدَ جميعَ أنواعِ العبادَةِ لصانِعِه، ويَقْصِدَ بها وَجْهَه، فاعبدوه وحْدَه لا شريكَ له، وأَقِرُّوا له بالوحدانيَّة، فلا وَلَدَ له، ولا والِدَ، ولا صاحِبَةَ له، ولا نَظيرَ ولا شريكَ.
(وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).
أي: واللهُ على جميعِ ما خَلَقَ رَقيبٌ وحَفيظٌ؛ فيقومُ بأرزاقِهم وأقواتِهم، وسياسَتِهم وتدبيرِ شئونِهم؛ بكمالِ عِلْمِه، وقُدْرَته ورَحْمَتِه، وعَدْلِه وحِكْمَتِه عزَّ وجلَّ، وكلُّ شيءٍ بِيَدِه، وأمورُ كُلِّ شيءٍ تُفَوَّضُ إليه وحده، فيفعَلُ فيها ما يشاءُ سبحانه، فذلك- الذي هذه صفاتُه- هو الذي يَستَحِقُّ أن يُعبَد وَحْدَه لا شريكَ له.
(لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ).
أي: لا تُحيطُ به الأبصارُ، وإنْ كانتْ تراه في الجُملةِ، أمَّا هو سبحانه فقد أحاط عِلْمُه، وسَمْعُه، وبَصَرُه بكُلِّ شيءٍ؛ فيعلَمُ ويرى كلَّ شيءٍ على حقيقَتِه التي هو عليها.
(وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).
وهو اللَّطيفُ الذي يُوصِلُ النَّفْعَ والبِرَّ والإحسانَ لخَلْقِه بالطُّرُق الخَفِيَّة، من حيثُ لا يشعرونَ، وهو الخبيرُ الذي دَقَّ عِلْمُه؛ فأدرَكَ به الخفايا والبواطِنَ.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/6/26