كن حكيمًا رفيقًا في الدعوة إلى الله

كن حكيمًا في دعوتك إلى الله تعالى، واستخدم الكلمة الطيبة التي تفتح مغاليق القلوب.

{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].

{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

الشرح والإيضاح

(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ).
أي: ادعُ- يا محمدُ- جميعَ الناسِ إلى دينِ ربِّك بما أوحاه الله إليك مِن الكتابِ والسنةِ، وانصحْهم بما في وحْي الله إليك مِن العبرِ الجميلةِ، وذكِّرْهم بنعمِ الله تعالى ونقمِه وثوابِه وعقابِه بما يستحسنُه السامعون فترقُّ قلوبُهم، ويلينونَ للحقِّ، فيقبلونَه، ويفعلونَ ما أمَرهم الله به، وينتهونَ عمَّا نهاهم عنه.
(وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
أي: وجادِلْ المُعانِدينَ بالطَّريقةِ التي هي أحسَنُ طُرُقِ المُجادَلةِ؛ مِن الرِّفقِ واللِّينِ، وحُسنِ الخِطابِ، والعَفوِ والصَّفحِ، وغيرِ ذلك مِمَّا يكون أدعى للاستجابةِ والقَبولِ.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ).
أي: إنَّ ربَّك- يا مُحمَّدُ- هو أعلَمُ بمَن زاغَ عن طَريقِ اللهِ، فلم يتَّبِعْ دِينَه، كالذين اختَلَفوا في السَّبتِ، وسيُجازِيه على عَمَلِه.
(وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
أي: وربُّك أعلَمُ بالمُهتَدينَ لِدِينِه، الذينَ اتَّبَعوا الحَقَّ، وسيُجازيهم على أعمالِهم.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/16/27

(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ)
أي: بسببِ رحمةِ اللهِ تعالى لكَ ولأصحابِكَ- يا محمَّدُ- أَلَانَ قَلبَك لهم، فكنتَ سهلًا ورقيقًا في تعاملِك معهم.
(وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)
أي: لو كنتَ- يا محمَّدُ- جافيًا سيِّئَ الخُلُق، قاسيَ القلبِ مع أَتْباعِك، لنفَروا منك وفارَقوك.
(فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)
أي: تَجاوَزْ عن أصحابِك- يا محمَّدُ- فيما أخطَؤوا أو قَصَّروا فيه من حقِّك، واطلبِ المغفرةَ لهم من اللهِ تعالى فيما أَخطؤوا أو قَصَّروا فيه من حقِّ الله عزَّ وجلَّ، واطلبْ رأيَهم فيما حزَبَك من الأمور العامَّةِ والمشتبِهة؛ وذلك تطييبًا لقلوبهم؛ ليكونوا لك أطوعَ، وفيما يُقدِمون عليه أنشَطَ، وليقتدوا بكَ في ذلك مِن بعدِك.
(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)
أي: إذا صحَّ عزْمُك على أمرٍ من الأمورِ بعدَ استطلاعِ آراءِ أصحابِك فيه، فامْضِ فيه معتمِدًا على حولِ الله تعالى وقوَّتِه، واثقًا به فحسبُ؛ فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يحبُّ اللَّاجئين إليه، والمعتمِدين في جميعِ أمورِهم عليه.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/3/47

تحميل التصميم