كثرة صور الإحسان والبذل

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عن أبي تميمة الهجيمي رضي الله عنه أنه سأل النبي ﷺ عن المعروف فقال: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ صِلَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ شِسْعَ النَّعْلِ، وَلَوْ أَنْ تَنْزِعَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُنَحِّيَ الشَّيْءَ مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْطَلِقٌ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوُحْشَانَ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ سَبَّكَ رَجُلٌ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ فِيكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ فِيهِ نَحْوَهُ فَلَا تَسُبَّهُ؛ فَيَكُونَ أَجْرُهُ لَكَ وَوِزْرُهُ عَلَيْهِ، وَمَا سَرَّ أُذُنَكَ أَنْ تَسْمَعَهُ فَاعْمَلْ بِهِ» (أخرجه أحمد 15955 وابن حبان في صحيحه 2/279، وصححه الألباني في الصحيحة 770، وصحيح الجامع 98) .[/box]

الشرح والإيضاح

عَلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ التَّوْحيدَ وعِبادةَ اللهِ وحْدَه، كما عَلَّمَنا حُسْنَ الخُلُقِ وأَمَرَنا به، ونَهانا عن كلِّ مَعْصِيَةٍ وإثْمٍ، وأَرْشَدَنا إلى ما فيه صَلاحُ الدُّنْيا والآخِرةِ. وفي هذا الحديثِ يَقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ: “لا تَحْقِرَنَّ شَيئًا مِن المَعْروفِ أنْ تَأْتِيَه”، بمعْنى: لا تَشْعُرْ بِقِلَّةِ ودُونِيَّةِ عَمَلِ أيِّ مَعْروفٍ؛ والمَعْروفُ هو: ما تَقْبَلُه الأنْفُسُ ولا تَجِدُ منه نَكيرًا مِن كلِّ عَمَلٍ صالِحٍ، فهو مَقْبولٌ عندَ اللهِ تعالَى، وفاعِلُه له أَجْرُه. “ولَوْ أنْ تَهَبَ صِلَةَ الحَبْلِ”، ويُقْصَدُ به: أنْ تُعْطِيَ ما يُطيلُ الحَبْلَ القَصيرَ لِصاحِبِكَ، وهذا شَيءٌ حَقيرٌ في حَجْمِه، ولكنَّه يَكونُ صَدَقةً، ويَكونُ مِن عَمَلِ المَعْروفِ الذي يُعْطي عليْه اللهُ أَجْرًا. “ولَوْ أنْ تُفْرِغَ مِن دَلْوِكَ في إناءِ المُسْتَسْقي”، فإذا اسْتَقَيْتَ الماءَ مِن بِئْرٍ، وجاءَكَ مُسْلِمٌ على رأْسِ البِئْرِ، فتُعْطيه مِن مائِكَ الذي أخْرَجْتَه لنَفْسِكَ. “ولَوْ أنْ تَلْقى أَخاك المُسْلِمَ ووَجْهُكَ بَسْطٌ إليْه”، فيَكونُ وجْهُكَ بَشوشًا مُتَبَسِّمًا، والمُرادُ بالأُخُوَّةِ هُنا: أُخُوَّةُ الإسْلامِ لا النَّسَبِ. “ولَوْ أنْ تُؤْنِسَ الوَحْشانَ بِنَفْسِكَ”، أي: تَلْقَى الإنْسانَ المُسْتَوْحِشَ الخائِفَ بما يُؤْنِسُه مِن القَوْلِ الجَميلِ، أو تُبَلِّغُه مِن أرْضِ الصَّحْراءِ إلى مَكانِ الإنْسِ. “ولَوْ أنْ تَهَبَ الشِّسْعَ”، فتُعْطِيَ غَيرَكَ الشِّسْعَ دُون مُقابلٍ، والشِّسْعُ سُيورُ النَّعْلِ، وهو الذي يَدْخُلُ بَيْنَ الإصبَعَينِ، ويَدْخُلُ طَرَفُه في الثُّقْبِ الذي في صَدْرِ النَّعْلِ المَشْدودِ في الزِّمامِ، والزِّمامُ: السَّيْرُ الذي في مُقَدِّمةِ الشِّسْعِ. وفي الحَديثِ: الحَثُّ على فِعلِ المَعْروفِ قَليلًا كان أو كثيرًا، بالمالِ، أو الخُلُقِ الحَسَنِ. وفيه: بَيانُ ما يَزيدُ المَحَبَّةَ بيْنَ المُؤمِنينَ.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/149888