ربما يتأخر الفرج لتنقطع النفس عن التعلق بالأسباب

قال تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ البقرة: 214.
إعلام بأن الله سبحانه وتعالى إنما يفرّج عن أنبيائه ومن معهم بعد انقطاع أسبابهم ممن سواه؛ ليمتحن قلوبهم للتقوى؛ فتتقدس سرائرهم من الركون لشيء من الخلق، وتتعلق ضمائرهم بالله تعالى وحده.

تفسير البقاعي: ١/٣٩٧.

الشرح والإيضاح

(أَمْ حَسِبْتُمْ أنَّ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ). أي: أظننتم- أيُّها المؤمنون- أن تَصِلوا إلى الجنَّةِ دون أنْ تُصيبَكم في الطريق إليها شدائد؟ كلَّا، لا تظنُّوا ذلك، بل لا بدَّ أنْ تعترضَ طريقَكم هذا عوائقُ، وتُصيبَكم فيه مِحَنٌ وبلايا، تُبتلَوْن بها وتمحَّصُون، كما وقَع للَّذين مضَوْا من قبلكم. (مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ). أي: إنَّ مَن مَضى مِن مُؤمِني الأممِ السابقة قد أصابهم الفقرُ وشدَّةُ الحاجة، وأصابتهم الأمراضُ والأوجاعُ، وخُوِّفُوا ورُعِبُوا مِن قِبَل أعدائِهم بأنواع المخاوفِ، فأُصيبوا في أموالهم بالبأساءِ، وفي أبدانهم بالضَّرَّاء، وفي قلوبهم بالخوفِ، حتى وصَلَتْ بهم الحال إلى أنْ يتساءَلَ رسلُ اللهِ ومَن آمَن معهم: متى يأتي نصرُ الله تعالى؟ ليخرُجوا ممَّا هم فيه مِن ضيقٍ وكربٍ وشدَّة. (أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ). أي: أكَّد الله تعالى على أنَّ نصرَه قريب، وأنَّ فرجَه عاجلٌ، فمع العسر يأتي اليُسر، وكلَّما ضاق الأمر اتَّسَع. المصدر: https://dorar.net/tafseer/2/36

تحميل التصميم