فضائل مجالس الذكر والعلم النافع

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “”إنَّ لِلَّهِ تَبارَكَ وَتَعالى مَلائِكَةً سَيّارَةً، فُضُلًا يَتَبَّعُونَ مَجالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذا وَجَدُوا مَجْلِسًا فيه ذِكْرٌ قَعَدُوا معهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بأَجْنِحَتِهِمْ، حتّى يَمْلَؤُوا ما بيْنَهُمْ وبيْنَ السَّماءِ الدُّنْيا، فَإِذا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إلى السَّماءِ، قالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهو أَعْلَمُ بهِمْ: مِن أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فيَقولونَ: جِئْنا مِن عِندِ عِبادٍ لكَ في الأرْضِ، يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ، قالَ: وَماذا يَسْأَلُونِي؟ قالوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قالَ: وَهلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالوا: لا، أَيْ رَبِّ قالَ: فَكيفَ لو رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ، قالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قالوا: مِن نارِكَ يا رَبِّ، قالَ: وَهلْ رَأَوْا نارِي؟ قالوا: لا، قالَ: فَكيفَ لو رَأَوْا نارِي؟ قالوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ، قالَ: فيَقولُ: قدْ غَفَرْتُ لهمْ فأعْطَيْتُهُمْ ما سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ ممّا اسْتَجارُوا، قالَ: فيَقولونَ: رَبِّ فيهم فُلانٌ عَبْدٌ خَطّاءٌ، إنَّما مَرَّ فَجَلَسَ معهُمْ، قالَ: فيَقولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ القَوْمُ لا يَشْقى بهِمْ جَلِيسُهُمْ. (صحيح مسلم ٢٦٨٩).[/box]

الشرح والإيضاح

ذَكَر رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ مِن أصنافِ الملائكةِ: «ملائكةً يطوفون في الطُّرُقِ يَلتمِسون»، أي: يَطلُبون ويَبْحَثون عن مجالِس «أهلِ الذِّكْرِ» التي يُذكَرُ فيها الله، «فإذا وَجَدوا قومًا يَذكُرون الله تَنَادَوْا: هَلُمُّوا»، أي: تَعَالَوْا وأَقبِلوا «إلى حاجَتِكم. قال: فيَحُفُّونَهم»، أي: يُطوِّقونَهم «بِأَجْنِحَتِهم إلى» أن يَبلُغوا «السَّماءَ الدُّنيا، قال: فيَسْأَلُهم ربُّهم- وهو أعلَمُ منهم-: ما يقول عبادِي؟ قال: تقول: يُسَبِّحُونَك ويكبِّرونك ويَحْمَدونك ويُمَجِّدونك»، أي: يُعظِّمونك، «قال: فيقول: هل رَأَوْنِي؟ قال: فيقولون: لا واللهِ ما رَأَوْكَ، قال: فيقول: وكيفَ لو رَأَوْنِي؟ قال: يقولون: لو رَأَوْكَ كانوا أشدَّ لك عِبادةً، وأشدَّ لك تمجيدًا»، أي: تعظيمًا «وأكثرَ لك تسبيحًا»، أي: تَنْزِيهًا، «قال: يقول: فما يَسْأَلُونَنِي؟ قال: يَسألُونَك الجنَّةَ، قال: يقول: وهل رَأَوْها؟ قال: يقولون: لا واللهِ يا ربِّ ما رَأَوْها، قال: يقول: فكيفَ لو أنَّهم رَأَوْها؟ قال: يقولون: لو أنَّهم رَأَوْها كانوا أشدَّ عليها حِرْصًا، وأشدَّ لها طَلَبًا» بالطَّاعاتِ وما يُقرِّبهم لها «وأعظمَ فيها رَغْبَةً، قال: فمِمَّ يتعوَّذون؟ قال: يقولون: من النارِ، قال: يقول: وهل رَأَوْها؟ قال: يقولون: لا واللهِ يا ربِّ ما رَأَوْها، قال: يقول: فكيفَ لو رَأَوْها؟ قال: يقولون: لو رَأَوْها كانوا أشدَّ مِنها فِرَارًا، وأشدَّ لها مَخافَةً، قال: فيقول: فأُشْهِدُكُمْ أنِّي قد غَفَرتُ لهم. قال: يقول مَلَكٌ مِن الملائكةِ: فِيهم فُلانٌ ليس مِنهم، إنَّما جاء لحاجةٍ» دُنْيَوِيَّةٍ، ولم يأتِ لِذِكْرِكَ، «قال: هُمُ الجُلَساءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهم».
وهذا مِن فوائدِ مُجالَسةِ الصَّالِحين.
وفي الحديثِ: حِرْصُ الملائكةِ على سَماعِ الذِّكرِ، ومَحَبَّتُها حُضورَ مجالسِ الذِّكر.
وفيه: أنَّ أهمَّ ما تُشْغَلُ به حياةُ العِباد ما يُقرِّبُهم مِن الله والجنَّةِ، ويُبعِدُهم عن النارِ
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/10429