الله تعالى خلق الأرض وما فيها وسخّرها لعباده، ليوحدوه ويعبدوه ويشكروه.
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية: 13].
{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 163- 164].
الشرح والإيضاح
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا).
أي: أوجَد لكم- من فَضله وكرمِه- جميعَ ما على الأرض؛ للانتفاعِ به، والاستمتاعِ، والاعتبار.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/2/5
﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [الجاثية ١٣]
﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ أي: من فضله وإحسانه، وهذا شامل لأجرام السماوات والأرض ولما أودع الله فيهما من الشمس والقمر والكواكب والثوابت والسيارات وأنواع الحيوانات وأصناف الأشجار والثمرات وأجناس المعادن وغير ذلك مما هو معد لمصالح بني آدم ومصالح ما هو من ضروراته، فهذا يوجب عليهم أن يبذلوا غاية جهدهم في شكر نعمته وأن تتغلغل أفكارهم في تدبر آياته وحكمه ولهذا قال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ وجملة ذلك أن خلقها وتدبيرها وتسخيرها دال على نفوذ مشيئة الله وكمال قدرته، وما فيها من الإحكام والإتقان وبديع الصنعة وحسن الخلقة دال على كمال حكمته وعلمه، وما فيها من السعة والعظمة والكثرة دال على سعة ملكه وسلطانه، وما فيها من التخصيصات والأشياء المتضادات دليل على أنه الفعال لما يريد، وما فيها من المنافع والمصالح الدينية والدنيوية دليل على سعة رحمته، وشمول فضله وإحسانه وبديع لطفه وبره، وكل ذلك دال على أنه وحده المألوه المعبود الذي لا تنبغي العبادة والذل والمحبة إلا له وأن رسله صادقون فيما جاءوا به، فهذه أدلة عقلية واضحة لا تقبل ريبا ولا شكا.
المصدر:
https://tafsir.app/saadi/45/13
(وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ).
أي: إنَّ معبودَكم واحدٌ، لا معبود بحقٍّ سواه، فهو المنفرِد في ذاته وأسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه جلَّ وعلا، وهو الذي وسعتْ رحمتُه كلَّ شيء، ومن رحمته: أنْ أَوجَد عباده، وعرَّفهم على نفْسه بآياته وآلائِه.
(إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ).
أي: إنَّ في إنشاء السَّموات والأرض وابتداعهما، وما أودَع الله تعالى فيهما من العَجائب.
(وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ).
أي: تعاقبِها الدَّائم، بحيث يَجيء أحدُهما، ثم يذهب، ويخلُفه الآخَر مباشرةً دون أن يتأخَّر عنه لحظة، وكذا اختلافهما في الضِّياء والظُّلمة، والحرِّ والبَرد، والطُّول والقِصَر .
(وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ).
أي: السُّفن التي تَسير في البحر، فيَنتفع النَّاسُ بالتنقُّل عبْرَها من مكان لآخَر، وبجلْب البضائع، وصَيد الأسماك، وغير ذلك .
(وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا).
أي: المطر الذي أنزله الله تعالى من السَّحاب، فأنبتتْ بسببه الأرضُ بعدَ أن كانت قاحلةً مُجدِبةً.
(وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ).
أي: نشَر في أقطارِ الأرض جميعها، كلَّ ما يمشي على وجهِها من مختلف أنواعِ الحيوان.
(وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ).
أي: تَنويعِها في الركود والهُبوب، وفي الاتِّجاه، والشِّدَّة والنَّفع، فتهبُّ من عِدَّة اتجاهات، وتختلف شِدَّةً وضعفًا، ونفعًا للنَّاس، أو هلاكًا وضرًّا.
(وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).
أي: السَّحاب الواقِع في جوِّ السَّماء، المذلَّل بأمْر الله تعالى لمصالح الخَلْق.
(لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
أي: في تِلك الأمور المذكورة، علاماتٌ ودَلالات واضحةٌ على وَحدانية الله تعالى، وعلى كمال صِفاته، وعظيم أفعاله، ولكن لِمَن لديه عقلٌ رشيد، يتدبَّر به، ويَفهم عن الله تعالى مقصودَه .
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/2/27