المؤمن بين الخوف والرجاء

لا بد للمؤمن أن يكون عنده خوف من الله ورجاء فيه، فما هو الخوف والرجاء؟ وما الدليل؟

ج- الخوف: هو الخوف من الله ومن عقابه. والرجاء: هو رجاء ثواب الله ومغفرته ورحمته. الدليل قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ الإسراء: 57.

وقال تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ الحجر: 49، 50.

الشرح والإيضاح

(أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ).
أي: أولئك الذين يَزعُمُ المُشرِكونَ أنَّهم آلِهةٌ مِن دُونِ اللهِ، مِن المَلائِكةِ والأنبياءِ، والصَّالحينَ مِن الإنسِ والجِنِّ، هم أنفُسُهم يَطلُبُونَ التقَرُّبَ إلى اللهِ بطاعَتِه مِن الواجِباتِ والمُستَحَبَّاتِ، ويَدْعونَه ويَستَعيذونَ به وَحْدَه؛ فلماذا يَعبُدُهم المُشرِكونَ مِن دُونِ اللهِ؟!
(أَيُّهُمْ أَقْرَبُ).
أي: يَتنافَسونَ في عبادةِ اللهِ والاجتهادِ في طاعتِه مُنافَسةَ مَن يَطلُبُ أن يكونَ إليه أقرَبَ مِن الآخَرينَ.
(وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ).
أي: ويَرجُونَ بعِبادتِهم اللهَ رَحمَتَه، فيَبذُلونَ ما يَقدِرونَ عليه مِن الأعمالِ الصَّالحةِ المُقَرِّبةِ إلى اللهِ تعالى وإلى رَحمتِه، ويخافونَ عَذابَه، فيَجتَنِبونَ كُلَّ ما يُوصِلُ إلى عذابِه، فكيف يَعبُدُهم المُشرِكونَ، وتلك هي حالُهم؟!
ثم علَّل خوفَهم بأمرٍ عامٍّ، فقال تعالى:
(إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا).
أي: إنَّ عذابَ ربِّك -يا مُحمَّدُ- كان مُتَّقًى مَخُوفًا، لا أمانَ لأحدٍ منه؛ فمُلازَمةُ الحَذَرِ مِن الوُقوعِ في أسبابِه تنبغي لكُلِّ أحَدٍ مِن مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، ونَبيٍّ مُرسَلٍ، فضلًا عن غَيرِهم.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/17/13

(نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
أي: أخبِرْ- يا مُحمَّدُ- عبادي خبَرًا جازِمًا مُؤكَّدًا أنِّي أنا كثيرُ المَغفِرةِ لذُنوبِهم إذا تابُوا، فأستُرُ ذُنوبَهم وأتجاوَزُ عن مُؤاخَذتِهم، كثيرُ الرَّحمةِ بهم إذا استقاموا، ومِن رحمتي أنِّي لا أعذِّبهم على الذنوب بعد تَوبتِهم منها.
(وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ).
أي: وأخبِرْ عبادي أيضًا أنَّ عذابي لِمَن أصرَّ على الكُفرِ والمعاصي، فلم يتُبْ منها، هو العذابُ المُوجِعُ الكثيرُ الإيلامِ؛ فلْيَحذَروا أسبابَ عَذابي، ولْيُقبِلوا على التَّوبةِ والإنابةِ إليَّ .
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/15/6

تحميل التصميم