الكلمة التي تنفع بها غيرك ستُؤجر عليها

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]كان النبيُّ ﷺ إذا أتاه السائلُ، وربما قال: جاءه السائلُ أو صاحبُ الحاجة، قال: “اشفَعوا فلْتُؤْجَروا، ويَقضي اللهُ على لسانِ رسولِه ما شاء” (صحيح البخاري: 7476).[/box]

الشرح والإيضاح

أقام النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المُجْتَمعَ المُسلِمَ على عَلاقةِ الأُخوَّةِ في الدِّينِ، وجَعَلَها أشدَّ مِن أُخوَّةِ النَّسبِ والدَّمِ؛ لأنَّ دِينَ المَرءِ هو لَحْمُهُ ودَمُهُ، وفي هذا الحديثِ يَقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “المؤمنُ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يَشُدُّ بعضُهُ بعضًا”، أي: كمِثْلِ تَماسُكِ البِناءِ وقوَّتِهِ، والمُرادُ: كلُّ مؤمنٍ كاملِ الإيمانِ يكونُ مِن تمامِ إيمانِهِ أنْ يُساعِدَ أخاه المؤمنَ ويُسانِدَهُ بما فيه نَفْعُهُ في الدُّنيا والآخِرةِ، أو يَنْبَغي لكلِّ مؤمنٍ أن يكونَ كذلك، “ثُمَّ شبَّكَ بين أصابِعِهِ”، أي: أَدْخَلَ أَصابِعَ إحدى يَدْيهِ في الأُخْرى؛ ليُصوِّرَ حالةَ التَّرابُطِ بين المؤمنين، ويُبَيِّنَ أنَّ التَّداخُلَ والتَّرابُطَ بينهم كتَشابُكِ أدواتِ البِناءِ وتَداخُلِ بعضِها في بعضٍ، وقالَ أبو موسى الأَشْعريُّ رَضِيَ اللهُ عَنْه: “وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالِسًا، إذْ جاء رَجُلٌ يسأل- أو طالِبُ حاجةٍ-“، أي: يَسْعى بطَلَبِهِ وحاجتِه إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويتوجَّهُ بها إليه، “فأَقْبَلَ النبيُّ علينا بوَجْهِهِ”، أي: تَوجَّهَ إلى الصَّحابَةِ بوَجْهِهِ؛ ليُنبِّهَهُمْ ويُرْشِدَهُمْ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “اشْفَعوا”، أي: تَوسَّطوا في طَلَبِ حاجاتِ النَّاسِ وقَضائها، وارْفَعُوها لمن يَقْضِيها، وهذا على وَجْهِ العُمومِ، وإنَّ المعنى المقصودَ هنا أنْ يُبَلِّغوا حاجاتِ النَّاسِ إلى النبيِّ “فلْتُؤجَروا”، أي: تَنالوا الأَجْرَ، وتَأخُذوا الثَّوابَ من اللهِ، “وليَقْضِ اللهُ على لسانِ نبيِّهِ ما شاء”، أي: ولْيُجْرِ الله على لِساني ما شاء، فإنْ قَضَيتُ حاجةً ممَّا شَفَعْتُم فيه فهو بتقديرِ اللهِ، وإنْ لم أَقْضِ فهو أيضًا بتقديرِ اللهِ، ومِن قضاءِ اللهِ وحُكْمِهِ الذي أَجْراه على لسانِ نبيِّه: أنَّ مَن تَوسَّطَ بالخيرِ وكان سببًا في قضاءِ حاجاتِ النَّاسِ، فإنَّه يُؤجَرُ ويُثابُ، على أنَّ الشَّفاعَةَ يَنْبَغي أنْ تكونَ في الخيرِ والمعروفِ، وليس فيما يُبْغِضُه اللهُ مِنَ المَعاصي، ولا في الحُدودِ ونحوِها بَعدَ رفْعها للإمامِ.( ).
مصدر الشرح:https://dorar.net/hadith/sharh/267199