أعظم آية في القرآن آية الكرسي

قال تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) البقرة: 255.

هذه الآية الكريمة أعظم آيات القرآن وأفضلها وأجلها، اشتملت على توحيد الله، وعلى إحاطة مُلكه وإحاطة علمه وسعة سلطانه وجلاله ومجده، وعظمته وكبريائه وعلوه على جميع مخلوقاته، فهذه الآية بمفردها عقيدة في أسماء الله وصفاته، متضمنة لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلا. ولهذا كثرت الأحاديث في الترغيب في قراءتها صباحًا ومساءً وعند النوم وأدبار الصلوات المكتوبات.

تفسير السعدي: ص109.

الشرح والإيضاح

(اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ).
أي: لا أحدَ معبودٌ بحقٍّ سوى الله تعالى؛ فهو وحده المستحِقُّ للعبادة حبًّا وتعظيمًا له تعالى؛ لكمال صفاته.
(الْحَيُّ الْقَيُّومُ).
أي: إنَّ الله تبارك وتعالى هو الذي له الحياة الكاملة، التي لم يَسبِقها عَدَمٌ، ولا يَلحَقها زَوال، المُستلزِمة لجميع صِفاتِ الكمال، وهو أيضًا القائم بنفسه؛ فلا يحتاج لأحد، القائمُ بأمور غيره من خَلْقه من الرِّزق وغيره؛ فكلُّ الموجودات إليه مُفتَقِرة، ولا قِوام لها بدونه، وهذه القَيُّوميَّة مُستلزِمةٌ لجميع أفعال الكمال.
(لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ).
أي: ومِن كمال حياته وقيُّوميَّته أنَّه لا يَعتريه سبحانه نُعاسٌ، ولا يَغلِبه نومٌ.
(لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ).
أي: إنَّه يَملِك وحده جميعَ ما في الكون بغير نِدٍّ ولا شريك، والجميعُ عبيده ومملوكون له؛ فلا تنبغي العبادةُ لغيره سبحانه.
(مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
أي: لا أحدَ يتجاسَر على القيام بالشَّفاعة عند الله تعالى إلَّا بعد إذنه جلَّ وعلا.
(يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ).
أي: إنَّ الله تعالى يعلم ما بين أيدي خلقه من الأمور الماضية، ويعلم أيضًا ما خلفهم من الأمور المستقبلة.
(وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ).
أي: إنَّ سائر من دونه سبحانه لا يعلمون من علم الله تعالى شيئًا البتَّةَ، فلا يعلمون ما بين أيديهم ولا ما خلفهم ولا غير ذلك، إلَّا ما علَّمهم الله تعالى بمشيئته.
(وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ).
أي: أحاطَ كرسيُّ المَلِك- تعالى وتقدَّس- بالسَّموات والأرض- على اتِّساعهما وعظمتهما- وشَمِلهما.
والكُرسيُّ: هو موضِع قَدَمَي الربِّ عزَّ وجلَّ .
فعن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: (الكرسيُّ موضعُ القدميْنِ، والعرشُ لا يَقْدِرُ أحدٌ قدْرَه).
(وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا).
أي: لا يُثقِله ولا يَشقُّ عليه حِفْظ السَّموات والأرض، بل ذلك سَهْلٌ عليه ويسير.
(وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
أي: إنَّه تَبارك وتقدَّس ذو العُلُوِّ المطلَق على كلِّ مخلوقاته، فهو عليٌّ بذاته فوق عرشه، عليٌّ على خَلْقه بقهره، وكمال صفاته، وهو ذو العَظمة المطلَقة في ذاته وصفاته وسُلطانه، وكلُّ ما سواه حقيرٌ بين يديه، صغيرٌ بالنِّسبة إليه، فلا شيءَ أعظم منه سبحانه وتعالى.
المصدر:
https://dorar.net/tafseer/2/43

تحميل التصميم