حال النبي ﷺ أكمل من حال يوسف عليه السلام

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
واخْتِيارُ النَّبِيِّ ﷺ لَهُ ولِأهْلِهِ الِاحْتِباسَ فِي شِعْبِ بَنِي هاشِمٍ بِضْعَ سِنِينَ لا يُبايِعُونَ ولا يُشارُونَ؛ وصِبْيانُهُمْ يَتَضاغَوْنَ مِن الجُوعِ قَدْ هَجَرَهُمْ وقَلاهُمْ قَوْمُهُمْ وغَيْرُ قَوْمِهِمْ. هَذا أكْمَلُ مِن حالِ يُوسُفَ عليه السلام. فَإنَّ هَؤُلاءِ كانُوا يَدْعُونَ الرَّسُولَ إلى الشِّرْكِ وأنْ يَقُولَ عَلى اللَّهِ غَيْرَ الحَقِّ … وكانَ كَذِبُ هَؤُلاءِ عَلى النَّبِيِّ ﷺ أعْظَمَ مِن الكَذِبِ عَلى يُوسُفَ”

ثناء النبي ﷺ على ربه بعد غزوة أُحد

عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: لما كان يومُ أُحُدٍ، وانكفأ المشركون، قال رسولُ اللهِ ﷺ: استَوُوا حتى أُثنِيَ على ربي عزّ وجلَّ؛ اللهم لك الحمدُ كلُّه، اللهم لا قابضَ لما بسطتَ، ولا مُقَرِّبَ لما باعدتَ، ولا مُباعِدَ لما قرَّبتَ، ولا مُعطِيَ لما منعْتَ، ولا مانعَ لما أَعطيتَ، اللهم ابسُطْ علينا من بركاتِك ورحمتِك وفضلِك ورزقِك، اللهم إني أسألُك النَّعيمَ المقيمَ الذي لا يحُولُ ولا يزولُ، اللهم إني أسألُك النَّعيمَ يومَ العَيْلَةِ، والأمنَ يومَ الحربِ، اللهم عائذًا بك من سوءِ ما أُعطِينا، وشرِّ ما منَعْت منا، اللهم حبِّبْ إلينا الإيمانَ وزَيِّنْه في قلوبِنا، وكَرِّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلْنا من الراشدين، اللهم توفَّنا مسلمِين، وأحْيِنا مسلمِين وألحِقْنا بالصالحين، غيرَ خزايا، ولا مفتونين، اللهم قاتِلِ الكفرةَ الذين يصدُّون عن سبيلِك، ويُكذِّبون رُسُلَك، واجعلْ عليهم رِجزَك وعذابَك قاتِلِ الكفرةَ الذين أُوتوا الكتابَ، إلهَ الحقِّ”

سيد التابعين وخيرهم – منعه برّه بأمّه من شرف الصحبة

عن أسير بن جابر رضي الله عنه قال: كانَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ إذا أَتى عليه أَمْدادُ أَهْلِ اليَمَنِ، سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بنُ عامِرٍ؟ حتّى أَتى على أُوَيْسٍ فَقالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بنُ عامِرٍ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: مِن مُرادٍ ثُمَّ مِن قَرَنٍ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَكانَ بكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ منه إلّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: لكَ والِدَةٌ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقولُ: يَأْتي علَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عامِرٍ مع أَمْدادِ أَهْلِ اليَمَنِ، مِن مُرادٍ، ثُمَّ مِن قَرَنٍ، كانَ به بَرَصٌ فَبَرَأَ منه إلّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، له والِدَةٌ هو بها بَرٌّ، لو أَقْسَمَ على اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لكَ فافْعَلْ فاسْتَغْفِرْ لِي، فاسْتَغْفَرَ له. فَقالَ له عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: الكُوفَةَ، قالَ: أَلا أَكْتُبُ لكَ إلى عامِلِها؟ قالَ: أَكُونُ في غَبْراءِ النّاسِ أَحَبُّ إلَيَّ. (صحيح مسلم ٢٥٤٢).

ولا يُفهمُ مِن هذا أفضليَّتُه على عُمَرَ رضِي اللهُ عنه، ولا أنَّ عُمرَ رضِي اللهُ عنه غيرُ مَغفورٍ له؛ لِلإجماعِ على أنَّ عُمرَ رضِي اللهُ عنه أفضلُ منه؛ لأنَّ أُويسًا تَابعيٌّ والصحابيُّ أفضلُ منه، إنَّما مَضمونُ ذلك الإخبارُ بأنَّ أُوَيْسًا مِمَّنْ يُستجابُ له الدُّعاءُ، وإرشادُ عُمرُ رضِي اللهُ عنه إلى الازديادِ مِنَ الخيرِ واغتنامِ دُعاءِ مَن تُرجَى إجابتُه، وهذا نحوٌ مِمَّا أمَرَنا النَّبيُّ ﷺ به مِنَ الدُّعاءِ له، والصَّلاةِ عليه وسُؤالِ الوَسيلَةِ له وإنْ كان النَّبيُّ ﷺ أفضلَ ولَدِ آدمَ، فَاستغْفِرْ لي، فَاستغْفَرَ له.
وفي الحديثِ: مُعجزةٌ لِلنَّبيِّ ﷺ؛ لِمَا فيه مِنَ الإخبارِ بِالأمرِ قبْلَ وقوعِه.

مداعبة النبي ﷺ للأطفال

عن محمود بن الربيع، قال: «عقلت من النبي ﷺ مجةً مجَّها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو».
عقلت: حفظت وعرفت.
مجة: مجّ الشراب رماه من فمه، والمجة اسم للمرة أو للمرمي.
دلو: هو الوعاء الذي يُستقى به الماء من البئر.

مراعاة الداعية لأحوال المدعوين

عن أبي وائل، قال: (كان عبد الله يُذكِّر الناسَ في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددتُ أنك ذكّرتنا كل يوم؟ قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أُمِلّكم، وإني أتخوّلكم بالموعظة، كما كان النبي ﷺ يتخولنا بها؛ مخافة السآمة علينا).
يذكر الناس: يعظهم ويعلمهم أمور دينهم.
يتخولنا بالموعظة: يتعهدنا مراعيًا أوقات نشاطنا ولا يفعل ذلك دائمًا.
كراهة السآمة: لا يحب أن يصيبنا الملل.

هدي النبي ﷺ في الوعظ

عن ابن مسعود، قال: (كان النبي ﷺ يتخولنا بالموعظة في الأيام؛ كراهة السآمة علينا).
يتخولنا بالموعظة: يتعهدنا مراعيًا أوقات نشاطنا، ولا يفعل ذلك دائمًا.
كراهة السآمة: لا يحب أن يصيبنا الملل.

نقش خاتم النبي ﷺ: محمد رسول الله

عن أنس بن مالك، قال: كتب النبي ﷺ كتابًا -أو أراد أن يكتب- فقيل له: إنهم لا يقرءون كتابًا إلا مختومًا، فاتخذ خاتمًا من فضة، نقشه: محمد رسول الله، كأني أنظر إلى بياضه في يده.
مختومًا: مطبوعًا عليه بتوقيع المرسل.
نقشه: محفور عليه والنقش في اللغة التلوين.

سيرة النبي ﷺ من دلائل نبوته

قال الإمام ابن حزم رحمه الله: إن سيرة محمد ﷺ لمن تدبّرها؛ تقتضي تصديقَه ضرورةً، وتشهد له بأنَّه رسول الله ﷺ حقًّا، فلو لم تكن له معجزة غير سيرته ﷺ لكفى.

التفاؤل حُسْن ظنّ بالله تعالى والتشاؤم سوء ظنّ به

قال الحليمي رحمه الله:
«كانَ النَّبِيُّ ﷺ يعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سُوء ظنّ بالله تعالى، والتفاؤل حُسْن ظنّ به، والمؤمن مأمورٌ بحُسْن الظنّ بالله تعالى على كل حال»
فتح الباري: ١٠/ ٢١٥.
قال البغوي: «وإنما أحبَّ النبيُّ ﷺ الفأل؛ لأن فيه رجاءَ الخير والفائدة، ورجاءَ الخير أحسن بالإنسان من اليأس وقطع الرجاء عن الخير»

‏ما حكم التعامل مع غير المسلمين والاستفادة منهم؟

قال ابن القيِّم رحمه الله:
«في استئجار النبي ﷺ لعبد الله بن أريقط الدؤلي هاديًا في وقت الهجرة -وهو كافر- دليلٌ على جواز الرجوع إلى الكافرين في الطب والأدوية والكتابة والحساب ونحوها ما لم يكن ولاية تتضمن عدالة، ولا يلزم من مجرد كونه كافرًا أن لا يُوثَق به في شيء أصلًا، فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق، ولا سيما في مثل طريق الهجرة»

طهارة القلب ونقاؤه من أهم أسباب الاجتباء

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
«إنَّ الله نظَر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه»

حرص النبي ﷺ على الإخلاص

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال:
حَجَّ النبيُّ ﷺ على رَحْل رَثٍّ وقطيفة تساوي أربعة دراهم أو لا تساوي، ثم قال: «اللَّهُمَّ حَجَّةً لا رياءَ فيها ولا سُمْعَة»