العبد بين نعمة يحتاج فيها إلى شكر، وذنب يحتاج فيه إلى الاستغفار

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
“العَبْدُ دائِمًا بَيْنَ نِعْمَةٍ مِن اللَّهِ يَحْتاجُ فِيها إلى شُكْرٍ، وذَنْبٍ مِنهُ يَحْتاجُ فِيهِ إلى الِاسْتِغْفارِ، وكُلٌّ مِن هَذَيْنِ مِن الأُمُورِ اللّازِمَةِ لِلْعَبْدِ دائِمًا؛ فَإنَّهُ لا يَزالُ يَتَقَلَّبُ فِي نِعَمِ اللَّهِ وآلائِهِ، ولا يَزالُ مُحْتاجًا إلى التَّوْبَةِ والِاسْتِغْفارِ. ولِهَذا كانَ سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ وإمامُ المُتَّقِينَ مُحَمَّدٌ ﷺ يَسْتَغْفِرُ فِي جَمِيعِ الأحْوالِ”

الشكر بعد إتمام صيام شهر رمضان

قال الله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة:185].
“يشكر الله تعالى عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده، وبالتكبير عند انقضائه، ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد” (السعدي رحمه الله).

رضا الله عز وجل هو غاية كل مسلم

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “إنَّ اللَّهَ لَيَرْضى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها” (صحيح مسلم ٢٧٣٤).
سُبحانَ الله ما أَكْرَمَه! أَعْطى المَأْكولَ، وأَقْدَرَ على أَكْلِه، وجَعَلَه سائغًا، وساقَه إلى عَبْدِه، وأَوْجَدَه مِنَ العَدَمِ، ثُمَّ أَقْدَرَه على حَمْدِه، وأَلْهَمَه قَولَهُ وعَلَّمَه النُّطْقَ به، ثُمَّ كان سَببًا لرِضائِه، وهَذا دَليلٌ على أنَّ رِضا اللهِ عزَّ وجلَّ قد يُنالُ بأَدْنى سَببٍ؛ فإنَّه يُنالُ بِهذا السَّببِ اليَسيرِ ولِلهِ الحَمْدُ؛ يَرضى اللهُ عنِ الإنسانِ إذا انْتَهى مِنَ الأَكْلِ، قال: الحَمْدُ للهِ، وإذا انْتَهى مِنَ الشُّرْبِ قال: الحَمْدُ لِلهِ.

في تقلّب الليل والنهار عظة للمؤمن واعتبار

الله يقلب الليل والنهار فاشكره عليهما صباحًا ومساءً، وخذ العبرة والعظة.
{يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [النور: 44].
{وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 37- 40].

المؤمن يتحدث بنعم الله عليه

اجعل كل ما حولك ينطق بنعمة الله عليك، وتحدّث بها، فإن الله يحب أن يُرَى أثر نعمته على عبده.
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].
{فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144].
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53].
{وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].

شكر الله من لوازم العبادة، وهو طريق للزيادة

الشكر روح العبادة، والشكر يحفظ النعم، فأكثر من شكر الله على نعمه.
{وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172].
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].
{وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].
{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: 174].

اشكر الله على نعمه يزِدك من فضله

اشكر الله على نِعمه ظاهرة والباطنة بالقول والفعل يزدك من نعمه وفضله.
{فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144].
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].
{وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].

إن تعدّ نعم الله عليك لا تحصيها

المال نعمة، والأولاد نعمة، والصحة نعمة، والعلم نعمة، والهواء نعمة، فتذكر نعم الله عليك التي لا تُعدّ ولا تُحْصَى.
{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53].
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34].
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 18].

شكر النعم مفتاح حفظها

إذا أعجبتك النعمة فلا تفتتن بها ولا تغترّ، وقل:
{مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: 39].
{هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].

احمد الله تعالى على نعمة الهداية للإسلام

أَكْثِرْ من حَمْد الله تعالى على نعمة هدايتك للإسلام، وتمتّع بأنوار القرآن، واملأ قلبك بحبّ الله تبارك وتعالى.
{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: 22- 23].

جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحًا يُفتح به

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
وقد جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحًا يُفتح به؛ فجعل مفتاح الصلاة: الطهور. ومفتاح الحج: الإحرام. ومفتاح البر: الصدق. ومفتاح الجنة: التوحيد. ومفتاح العلم: حُسن السؤال وحسن الإصغاء. ومفتاح النصر والظفر: الصبر. ومفتاح المزيد: الشكر. ومفتاح الولاية: المحبة والذكر. ومفتاح الفلاح: التقوى.

من حكمة الابتلاء بالشر والخير

قال تعالى: ‏(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) الأنبياء: 35.
أي: نختبركم بالشر؛ لنعلم كيف صبركم،
وبالخير؛ لنعلم كيف شكركم.