[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عن ابْن عَبَّاس ٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا، أَوْ شُبَّانًا. فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ. قَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِي يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَاللَّهِ، مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ. (رواه البخاري 4642) رضي الله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.[/box]
الشرح و الإيضاح
كان أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكثرَ النَّاسِ فَهْمًا لِكتابِ اللهِ تعالى، وعملًا به ووُقوفًا عند حدودِه، وكان الفاروقُ عُمرُ رضِي اللهُ عنه مِن أكثرِهم وقوفًا عنْدَ حُدودِ اللهِ تعالى، ومِن صُورِ ذلك ما في هذا الحديثِ حيثُ قدِمَ عُيينةُ بنُ حِصنِ بنِ حُذيفةَ ونزَلَ في بيتٍ لابنِ أخيه الحُرِّ بنِ قيسٍ، وكان الحُرُّ بنُ قيسٍ مِنَ القُرَّاءِ الَّذين يَحفظونَه ويَفهمونَه، وكان عُمرُ رضِي اللهُ عنه يُقرِّبُه في مَجالسِه ويأخذُ مَشورتَه هو ومَن مِثلُه مِنَ القُرَّاءِ كُهولًا كانوا أو شبابًا، والكَهلُ هو مَن بدَأَ يعلُوه الشَّيبُ وهو بعدَ سِنِّ الثَّلاثينَ، فطَلبَ عُيَينةُ مِن الحُرِّ أنْ يَستأذنَ له؛ لِيدخُلَ على عُمرَ رضِي اللهُ عنه لِمَا له مِنَ الوجاهةِ عنده، ففعَلَ الحُرُّ واستأذَنَ له لِيدخلَ عليه، فلمَّا دخَلَ عليه عُيينةُ قال لِعمرَ رضِي اللهُ عنه: هِيْ يا ابنَ الخطَّابِ! و(هِيْ): كلمةٌ تُقالُ لِلتَّهديدِ، فَواللهِ ما تُعطينا الجَزْلَ ولا تَحكمُ بينَنا بِالعدلِ، يعني لا تُعطينا العطاءَ الكثيرَ ولا تَعدِلُ بيننا، فغضِبَ عُمرُ رضِي اللهُ عنه حتَّى همَّ به، أي: أرادَ أنْ يُعاقِبَه، فقال له الحُرُّ: يا أميرَ المؤمنينَ، إنَّ الله تعالى قال لِنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وإنَّ هذا مِنَ الجاهلِينَ، فَامتثلَ عُمرُ رضِي اللهُ عنه لِكتابِ اللهِ تعالى، ولم يُجاوزْ حُدودَه، ولم يُعاقبِ الرَّجلَ، وكان رضِي اللهُ عنه وقَّافًا عند كتابِ اللهِ وحدودِه.
في الحديث: أنَّ اللهَ يرفعُ بهذا القرآنِ أقوامًا ويضعُ به آخرين.
وفيه: أنَّ التقديمَ يكونُ لِأهلِ الفضْلِ والعِلْمِ والفَهْمِ والفِقْهِ والقرآِنِ.
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/14331