من أذكار المساء

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ، إذا أَمْسى قالَ: أَمْسَيْنا وَأَمْسى المُلْكُ لِلَّهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِن خَيْرِ هذِه اللَّيْلَةِ، وَخَيْرِ ما فِيها، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّها، وَشَرِّ ما فِيها، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ، والْهَرَمِ، وَسُوءِ الكِبَرِ، وَفِتْنَةِ الدُّنْيا وَعَذابِ القَبْرِ” (صحيح مسلم ٢٧٢٣).

الشرح والإيضاح

هذا الحديثُ مِن الأذكارِ الواردَةِ في الصَّباحِ والمَساءِ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكثِرُ مِن ذِكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ على وُجوهٍ مُتنوِّعةٍ.
فقَولُه: (أَمْسَيْنا وأَمسى المُلْكُ للهِ) بَيانُ حالِ القائِلِ، أي: عَرَفْنَا أنَّ المُلْكَ والحَمْدَ للهِ لا لغَيرِه، فلا إِلَهَ إلَّا هُوَ؛ فالْتَجَأْنا إليه، واسْتَعَنَّا به، وخَصَصْناه بالعِبادَةِ والثَّناءِ عليه، والشُّكْرِ له، ثُمَّ قال كَلِمَةَ التَّوحيدِ وهِيَ: لا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحدَه لا شَريكَ لَهُ، لَه المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهُوَ على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، ثُمَّ سألَ صلَّى اللهُ عليه مِن خَيرِ هذه اللَّيلَةِ، يعني: مِن خَيرِ مَا يَنشأُ فيها، واستَعاذَ مِن شَرِّها وشرِّ ما بَعدَها. ثُمَّ استَعاذَ مِنَ الكَسَلِ وهُوَ التَّثاقُلُ عَمَّا لا يَنْبَغي التَّثاقُلُ عنه، ويَكونُ ذَلك لعَدَمِ انْبعاثِ النَّفسِ للخَيرِ مَع ظُهورِ الاستِطاعَةِ.
واستَعاذَ مِن سُوءِ الكِبَرِ، وهو الْهَرَمُ وهُوَ كِبَرُ السِّنِّ الَّذي يُؤدِّي إلى تَساقُطِ القُوَى، وإنَّما استَعاذ منه؛ لِكونِه مِن الأَدواءِ الَّتي لا دَواءَ لَها، والمُرادُ بِسُوءِ الكِبَرِ ما يُوَرِّثُه كِبَرُ السِّنِّ مِن ذَهابِ العَقْلِ، وغَيْرِ ذلك مِمَّا يَسوءُ به الحالُ.
ثُمَّ خَتمَ استِعاذَتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتَّعوُّذِ مِنَ النَّارِ والقَبْرِ، لِعِظَمِ أَمْرِهما فلم يُغْفَلَا.
وفي الحديثِ: إظهارُ العُبوديَّةِ والافتِقارِ إلى اللهِ سُبحانَه وتَعالى، وأنَّ الأَمْرَ كُلَّه خَيرَه وشَرَّه بِيدِ اللهِ، وأنَّ العَبْدَ ليسَ له مِنَ الأَمْرِ شَيءٌ .
مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/20405

تحميل التصميم