واخفض لهما جناح الذل من الرحمة

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]ما أعظم حسرة وندامة مَن فرَّط في بِرّ والديه يوم القيامة، بل في الدنيا قبل الأخرة؛ قال ﷺ: “”ما من ذنب أجدر أن يُعجّل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم”” رواه أبو داود وصححه الألباني. فأَدْرِكْ نفسك من اللحظة إن كنت مقصِّرًا في حقهما، وأما إن كانا قد رحلا إلى الدار الآخرة، فما لك إلا صدق التوبة والاستغفار لنفسك ولهما بعد رحيلهما والدعاء لهما.[/box]

الشرح و الإيضاح

علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه كلَّ ما يَنفَعُهم في دِينِهم ودُنياهم مِن الأخلاقِ والمُعامَلاتِ، وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ الجَليلُ أبو بكرةَ نُفَيعُ بنُ الحارثِ رضِيَ اللهُ عنه: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ما مِن ذَنْبٍ أجْدَرُ أنْ يُعجِّلَ اللهُ تعالى لِصاحبِه العُقوبةَ في الدُّنيا”، أي: ليس هناك مِنَ الذُّنوبِ ذنْبٌ أوْلى بتَعجيلِ العُقوبةِ لصاحِبِ الذَّنْبِ في الدُّنيا، “مع ما يُدَّخَرُ له في الآخِرَةِ”، أي: مع ما يكونُ له مِن عُقوبةٍ في الآخِرَةِ على هذا الذَّنْبِ، والمُرادُ: أنَّ عُقوبةَ الدُّنيا لا تَرْفَعُ عنه عُقوبةَ الآخِرَةِ، بلْ هي مِن بابِ مَزيدِ العذابِ والوعيدِ لصاحبِه، “مِن قَطيعةِ الرَّحِمِ”، أي: مِثْلِ ذَنْبِ قَطيعةِ الرَّحِمِ وهَجْرِها، والرَّحِمُ: هي الصِّلةُ الَّتي تكونُ بيْن الشَّخْصِ وغيرِه، والمُرادُ بها هنا: الأقارِبُ، ويُطلَقُ عليهم: أُولُو الأرحامِ، “والخِيانةِ والكذِبِ”، أي: وكذلك يُعجِّلُ اللهُ العُقوبةَ على الخِيانةِ والكذِبِ، والخيانةُ شامِلةٌ للخِيانةِ في الأموالِ والأقوالِ والأفعالِ، والكذِبُ شامِلٌ لقبائحِ الأقوالِ.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: “وإنَّ أعجَلَ الطَّاعةِ ثَوابًا”، أي: أكثَرَها قُربًا في حُصولِ الثَّوابِ في الدُّنيا، “لَصِلَةُ الرَّحِمِ”، وهي مَودَّةُ الأقاربِ والأهلِ، “حتَّى إنَّ أهْلَ البيتِ لَيكونوا فَجرةً”، أي: يَرتكِبون الآثامَ والمعاصِيَ، “فتَنْمو أموالُهم”، أي: بالزِّيادةِ والوَفرةِ مِن الثَّروةِ، “ويَكثُرُ عدَدُهم”، بالتَّزاوُجِ والتَّناسُلِ والولادةِ الكثيرةِ، “إذا تَواصَلوا”، أي: فيما بيْنهم بالتَّوادِّ والتَّعاوُنِ، وذلك بالرَّغمِ مِن فُجورِهم.
وفي الحَديثِ: التَّحْذيرُ مِن قَطْعِ الرَّحِمِ، والكذِبِ والخيانةِ، والتَّخويفُ مِنَ الوُقوعِ فيها.
وفيه: الحَثُّ على العَدْلِ وصِلَةِ الرَّحِمِ.

مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/89116