موعظة موجزة من النبي ﷺ

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبيِّ ﷺ فَقَالَ: عِظْنِي وَأَوْجِزْ، وفي رواية عَلِّمْنِي وَأَوْجِزْ، فَقَالَ ﷺ: «إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَأَجْمِعِ اليَأسَ مِمَّا فِي يَدَيِ النَّاسِ» (أخرجه أحمد (٢٣٥٤٥) وابن ماجه (٤١٧١) وصححه الألباني).[/box]

الشرح والإيضاح

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مُعلِّمًا ومُرشِدًا لأُمَّتِه، وقد علَّمَنا كلَّ الخيرِ، ووضَّح لنا طريقَ الفَلاحِ والنَّجاةِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ أبو أيُّوبَ الأنصاريُّ رَضِي اللهُ عَنه: ” جاء رجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، علِّمْني وأوجِزْ”، أي: اختَصِرْ واقتَصِرْ على خُلاصةِ الأمرِ؛ لِيَكونَ أسهَلَ للضَّبطِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “إذا قُمتَ في صَلاتِك”، أي: شَرَعتَ وبدَأْتَ، “فصَلِّ صلاةَ مُودِّعٍ”، أي: مُودِّعٍ وتاركٍ لِمَا سِوى اللهِ، بالاستِغْراقِ في مُناجاةِ مَوْلاك، أو المعنى: صَلِّ صلاةَ مَن يُودِّعُ الدُّنْيا وكأنَّها آخِرُ صَلاةٍ لك؛ فحَسِّنْ خاتِمةَ عمَلِك، وأقصِرْ طولَ أمَلِك؛ لاحتِمالِ قُربِ أجَلِك، “ولا تَكلَّمْ بكلامٍ يُعتذَرُ مِنه”، أي: لا تتَحدَّثْ بكلامٍ تَحتاجُ للاعتذارِ عَنه لِقُبحِه، أو لِما فيه مِن الإثمِ والعقابِ، فالاعتذارُ إمَّا إلى اللهِ بالتَّوبةِ؛ لأنَّ ترْكَ الذَّنْبِ خيرٌ مِن طلَبِ المغفرةِ أو مِن النَّاسِ، فالمرادُ لا يَأْتي بما يُعتذَرُ مِنه، “وأجْمِعِ اليأسَ”، أي: اعقِدِ العَزْمَ وأحكِمْه في قلبِك على قَطْعِ الأمَلِ “عمَّا في أيدي النَّاسِ”، أي: مِن مَتاعِ الدُّنيا؛ فإنَّك إنْ فعَلتَ ذلك استَراحَ قلبُك، ولا يَتِمُّ ذلك إلَّا بتقصيرِ الأَمَلِ، وتقديرِ أنَّه لا زَمانَ تعيشُ فيه وتُؤمِّلُه من الأوقاتِ المُستقبَلةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأهَمِّ الأمورِ الَّتي إذا أخَذ العبدُ بها، تمَّتْ أمورُه وأفلَح؛ مِن الصَّلاةِ والمُحافَظةِ على اللِّسانِ، والتَّعلُّقِ باللهِ وتَرْكِ الطَّمعِ فيما في أيدي النَّاسِ .

مصدر الشرح:
https://dorar.net/hadith/sharh/42321