من الوصايا القرآنية الجامعة

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ [الكهف: 28] في الآية استحباب الذكر والدعاء والعبادة طرفي النهار؛ لأن الله مدحهم بفعله، وكل فعل مدح الله فاعله، دلَّ ذلك على أن الله يحبه، وإذا كان يحبه فإنه يأمر به، ويرغب فيه. (السعدي رحمه الله).[/box]

الشرح و الإيضاح

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ.
أي: واحبِسْ نفسَك -يا مُحمَّدُ- مع أصحابِك الذين يَعبُدونَ رَبَّهم أوَّلَ النَّهارِ وآخِرَه، ويَدْعونَه ويَذكُرونَه مُخلِصينَ له في ذلك.
كما قال تعالى: وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الأنعام: 52].
وعن سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سِتَّةَ نَفَرٍ، فقال المُشرِكونَ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اطرُدْ هؤلاء لا يَجتَرِئونَ علينا! قال: وكنتُ أنا وابنُ مسعودٍ، ورجلٌ مِن هُذَيل، وبِلالٌ، ورجلانِ لستُ أُسمِّيهما، فوقع في نفسِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما شاء اللهُ أن يقعَ، فحدَّث نفسَه، فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الأنعام: 52])) .
وعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَأنْ أقعُدَ مع قَومٍ يَذكُرونَ اللهَ تعالى مِن صَلاةِ الغَداةِ حتى تَطلُعَ الشَّمسُ، أحَبُّ إليَّ مِن أن أُعتِقَ أربعةً مِن ولَدِ إسماعيلَ، ولَأنْ أقعُدَ مع قومٍ يَذكُرونَ اللهَ مِن صلاةِ العَصرِ إلى أن تَغرُبَ الشَّمسُ، أحَبُّ إليَّ مِن أن أُعتِقَ أربعةً)).
وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
أي: ولا تَصرِفْ عينَيك -يا مُحمَّدُ- عن الذين يَعبُدونَ رَبَّهم بالغَداةِ والعَشيِّ؛ لرثاثةِ هيئتِهم وزِيِّهم، مُحتَقِرًا لهم، فتَتجاوزَهم إلى أهلِ الشَّرَفِ والجاهِ، والغنَى والثروةِ، طامحًا إلى مُجالَستِهم بدلًا مِن أولئك .
كما قال تعالى: لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر: 88].
وقال سُبحانَه: وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه: 131].
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا.
أي: ولا تُطِعْ -يا مُحمَّدُ- من جعَلْنا قلبَه غافلًا عن ذِكرِنا وعبادتِنا وعن القرآنِ، وانشغل عن ذلك بالدُّنيا .
كما قال تعالى: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [النجم: 29].
وقال عزَّ وجلَّ: وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ [الأحزاب: 1].
وقال سُبحانَه: وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا [الإنسان: 24].
وَاتَّبَعَ هَوَاهُ.
أي: وآثَرَ اتِّباعَ شَهواتِ نَفسِه، فاختار الكُفرَ والشِّركَ والمعاصيَ على الإيمانِ والتَّوحيدِ والطَّاعةِ .
وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا.
أي: وكانت شُؤونُه وأعمالُه سَفَهًا وتفريطًا وضَياعًا، قد تجاوَز فيها الحَدَّ، وتقدَّم فيها على الحَقِّ، نابذًا له وراءَ ظهرِه .
مصدر الشرح:
https://dorar.net/tafseer/18/8