انشر الخير والسنن، واحذر من تعليم الناس الشرّ

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «من سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسنةً، فعُمِل بها بعده، كُتِبَ له مثلُ أجرِ مَن عمل بها. ولا ينقصُ من أجورِهم شيءٌ.
ومن سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيئةً، فعُمِل بها بعدَه، كُتب عليه مثلُ وِزرِ من عمل بها، ولا ينقصُ من أوزارِهم شيءٌ». [رواه مسلم 1017].”[/box]

الشرح والإيضاح

“يَحكي جَريرُ بنُ عبدِ الله رضِي اللهُ عنه أنَّهم كانوا عند رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في صدرِ النَّهارِ، أي: أوَّلِه، فجاءه قومٌ حفاةٌ عراةٌ، أي: يغلِبُ عليهم العُرْيُ، “”مُجْتَابي”” والاجتيابُ التَّقطيعُ والخَرْقُ، “”النِّمارِ””، وهي كساءٌ مخطَّطٌ مِن صوفٍ، أي: لابسي النِّمارِ المُخرَّقةِ، أو “”العَبَاء””، وهي كساءٌ معروفٌ، مُتقلِّدي السُّيوف، أي: مُتسلِّحين بسيوفِهم، كلُّهم مِن مُضَرَ، “”فتمَعَّرَ””، أي: تغيَّر وجهُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: وظهَر عليه آثارُ الحُزنِ؛ لِمَا رأى بهم مِن “”الفاقةِ””، أي: الفقرِ الشَّديدِ، فدخَل بيتَه ثمَّ خرَج، فأمَر بلالًا فأذَّن للصَّلاةِ ثمَّ أقام لها، فصلَّى، أي: إحدى الصَّلواتِ المكتوبةِ، ولعلَّها صلاةُ الظُّهر، ثمَّ صعِد المِنبرَ فخطَب، فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} [النساء: 1] إلى آخِر الآيةِ، وهي أوَّلُ سورةِ النِّساء، وأبلَغَ في الحثِّ على الصَّدقةِ عليهم، ولِمَا فيها مِن تأكُّدِ الحقِّ؛ لكونِهم إخوةً، والآية الَّتي في الحشرِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ} [الحشر: 18]، أي: كلُّ نفسٍ، {مَا قَدَّمَتْ}، أي: أيَّ شيءٍ مِن العباداتِ والخيراتِ أرسلَتْه إلى الآخرةِ {لِغَدٍ}، أي: لنفعِ غدٍ مِن الزَّمانِ، وهو يومُ القيامةِ، وليتصدَّقْ رجلٌ مِن دينارِه، أو مِن درهمِه، أو مِن ثوبِه، أو مِن صاعِ بُرِّه، أو مِن صاعِ تمرِه، حتَّى قال: ولو بشِقِّ تمرةٍ، أي: نصفِ تمرةٍ، فجاء رجُلٌ “”بصُرَّةٍ””، أي ربطةٍ مِن الدَّراهم أو الدَّنانير كادَتْ كفُّه، أي: يدُه، تعجِزُ عن حَملِها؛ لثِقلِها لكثرةِ ما فيها، ثمَّ تتابَعَ النَّاسُ، أي: توالَوْا في إعطاءِ الصَّدقاتِ، حتَّى رأيتُ “”كومَيْنِ”” الكُوم بالضَّمِّ: العظيمُ مِن كلِّ شيءٍ، والكَوْم بالفتحِ: المكانُ المرتفعُ كالرَّابيةِ، وهو الأَوْلى بالمقصودِ، مِن طعامٍ وثيابٍ، ولعلَّ الاقتصارَ عليه مِن غيرِ ذِكرِ النُّقود لغلبتِه، حتَّى رأيتُ وجهَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم “”يتهلَّلُ””، أي: يستنيرُ فرَحًا وسرورًا كأنَّه مُذْهَبَةٌ أي: مموَّهةٌ بالذَّهبِ، ومعناه: ظهورُ البِشرِ في وجهِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى استنار وأشرَق مِن السُّرورِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن سنَّ في الإسلام سنَّةً حسنةً، أي: أتى بطريقةٍ مَرضيَّةٍ يشهَدُ لها أصلٌ مِن أصولِ الدِّينِ، أو صار باعثًا وسببًا لترويجِ أمرٍ ثابتٍ في الشَّرعِ، فله أجرُها، أي: أجرُ السُّنَّةِ، أي: ثوابُ العملِ بها، وأجرُ مَن عمِل بها مِن بعدِه، أي: مِن بعدِ ما سَنَّ، مِن غيرِ أن ينقُصَ مِن ثوابهم شيءٌ، ومَن سنَّ في الإسلامِ سنَّةً سيِّئةً، أي: طريقةً غيرَ مَرضيَّةٍ لا يشهَدُ لها أصلٌ مِن أصولِ الدِّينِ، كان عليه وزرُها، أي: إثمُها، وإثمُ مَن عمِل بها مِن بعدِه، مِن غيرِ أن ينقُصَ مِن آثامِهم شيءٌ.
في الحديثِ: الحثُّ على البَداءةِ بالخيرِ؛ ليُستَنَّ به، والتَّحذيرُ مِن البَداءةِ بالشَّرِّ؛ خوفَ أن يُستَنَّ به.
وفيه: رحمةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمَّتِه.
مصدر الشرح:https://dorar.net/hadith/sharh/128822 “